أفضل أيام الدنيا


حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري
إن أفضل الأيام عند الله على الإطلاق هي أيام العشر الأولى من ذي الحجة ؛ لأنَّ الله أقسم بها في كتابه ، فقال جل وعلا في سورة الفجر : ( والفجر * وليالٍ عشرٍ ) وقد أجمع المفسرون على أنَّ المقصود بها ليالي العشر الأولى من ذي الحجة ؛ ولايقسم الله إلاَّ بشيءٍ عظيم ؛ ومنها هذه الأيام . ولأنَّ هذه الأيام أيامٌ اجتمعت فيها أمهات العبادة من صلاة ، وصدقةٍ ، وصيامٍ ، وحجٍّ , وذكرٍ ، وذبحٍ ، وإحسان . ولأنَّ في هذه الأيام أعظم الأيام عند الله ؛ قال صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ، ثمَّ يومُ القَرِّ ) يوم النحر هو يوم العاشر من ذي الحجة ؛ ويوم القر هو اليوم الأول من أيام التشريق وهو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة ؛ رواه داود في سننه ، وصحِّحه الالباني في صحيح سنن أبي داود .
فجديرٌ بكل مسلمٍ ، ومسلمةٍ أن يستغلوا هذه الأيام في صالح الأعمال ؛ فالأجر فيها مضاعف أكثر من غيرها ؛ لأنَّها أفضل أيام العام على الإطلاق ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه ، قالوا : ولا الجِهادُ؟ قالَ : ولا الجِهادُ ؛ إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ، ومالِه ؛ فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ ) رواه البخاري في صحيحه .
ومن الأعمال المشروعة في هذه الأيام حج بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلا ؛ والذي هو أحد أركان الإسلام الخمسة ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَن حَجَّ لِلَّهِ ، فَلَمْ يَرْفُثْ ، ولَمْ يَفْسُقْ ؛ رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ ) رواه البخاري ومسلم .
ومن الأعمال المشروعة في هذه الأيام الصيام ؛ ففي الحديث : ( عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ، ويوم عاشوراء . وثلاثة أيام من كل شهر … ) رواه أبو داود في سننه ؛ وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم ٢١٠٦ . ومن أعظم الأيام التي يستحب صيامها في هذه الأيام ؛ صيام يوم عرفة ؛ الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : ( صِيامُ يومِ عَرَفَةَ إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التي قَبلَهُ ، والسنَةَ التي بَعدَهُ ) رواه مسلمٌ في صحيحه .
ومن الأعمال المشروعة في هذه الأيام العشر ؛ الإكثار من ذكر الله تعالى : ( لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ) ( الحج : ٢٨ ) قال ابن عباس : ” الأيام المعلومات ؛ أيام العشر ” وقال صلى الله عليه وسلم : ( ما من أيَّامٍ أعظمُ عندَ اللهِ ، ولا أحبُّ إليهِ العملُ فيهنَّ من هذِه الأيَّامِ العشرِ ؛ فأكثروا فيهنَّ منَ التَّهليلِ ، والتَّحميدِ ، والتسبيح ، والتَّكبيرِ ) رواه الطبراني في معجم ، وأحمد في مسنده ؛ وصحح إسناده أحمد شاكر رحمه الله ؛ ومن الأذكار التي يشرع قولها في هذه الأيام إلى آخر أيام التشريق التكبير المطلق والمقيد ؛ المطلق في كل وقت ؛ والمقيد عقب الصلوات المكتوبات من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق : ( الله أكبر ؛ الله أكبر ؛ لا إله إلا الله ؛ الله أكبر ؛ الله أكبر ؛ ولله الحمد ) أو بغيرها من صفات التكبير ؛ يجهر بها الرجال ؛ ويسر بها النساء ، وقد جاء في الأثر : ” كان ابن عمر ، وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ، ويكبر الناس بتكبيرهما . وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى ؛ فيسمعه أهل المسجد ؛ فيكبرون ، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منىً تكبيرًا ) رواه البخاري في صحيحه .
وأخيراً من الأعمال المشروعة في يوم النحر ؛ وهو يوم عيد الأضحى المبارك ؛ والذي هو من أعظم أيام العشر ؛ اراقة دماء الهدي ، والأضاحي ؛ تقرباً إلى الله ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما عمل ابن آدم يوم النحر أحبَّ إلى الله من إهراق الدم ، وإنَّه ليؤتى يوم القيامة بقرونها ، وأشعارها وأظلافها ، وإنَّ الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض ؛ فطيبوا بها نفساً ) رواه الترمذي في سننه ؛ وصححه الألباني ؛ وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( إذا دخَلَت العَشْرُ ، وأراد أحَدُكم أن يضَحِّيَ ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِه ، وبَشَرِه شيئًا ) رواه مسلمٌ في صحيحه ؛ وفي رواية له : ( مَنْ كانَ له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ ؛ فإذا أُهِلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ ؛ فلا يَأْخُذَنَّ مِن شَعْرِهِ ؛ ولا مِن أظْفارِهِ شيئًا حتَّى يُضَحِّيَ ) علماً أنَّ الأمر بالإمساك عن الشعر والبشره ؛ وهو الجلد ، والأظافر خاصٌّ برب الأسرة ، والقائم عليها ؛ نسأل الله أن يعيينا وإياكم في هذه العشر على ذكره ، وشكره ، وحسن عبادته ؛ وأن يتقبلها منَّا وإيَّاكم صالح الأعمال ؛ وأن يغفر لنا ذنوبنا إنَّه هو الغفور الرحيم . اللهمَّ آمين .