الأدب والشعر

ذكريات الولد الشقي ..  فرنسا

فايل المطاعنى

فايل المطاعنى

هل سبق لك أن سافرت إلى بلد لا تفهم لغته، ولا أكله، ولا حتى سريره؟   أنا فعلت!

رحلتي إلى فرنسا كانت أشبه ما تكون بحلقة من مسلسل كوميدي، بطولة: أنا… وإخراج أخوي الكبير، اللي ما كان يفوّت فرصة يضحك علي ويصوّرني في كل لحظة حرجة!

كل ما أردت أن أعيشه كان “الأناقة الباريسية“… لكنّي وجدت نفسي أعيش مغامرات أشبه بركوب لعبة دوّارة، من الطائرة إلى المطار، ومن الحلزون إلى برج إيفل!

المشهد الأول: الطائرة والمطبات القلبية

أول ما صعدنا إلى الطائرة، بدأت أتخيل سيناريوهات النهاية… ربطت الحزام مرتين، وثبّت المخدة كأنها خوذة حرب، وكتبت وصيتي على منديل السفرة.

جلست عند النافذة جهة الجناح اليسار، وكل شوي أطالع فيه وأقول في قلبي:

– “لو طاح الجناح ذا، هل نطيح يمين ولا يسار؟!”

كل ما سمعنا صوت، قلت لأخويا:

– “انتهى عمرنا؟”

وهو يضحك… وأنا في بالي أقول: “هالطيارة فيها راكب واحد شجاع… وهو مو أنا!”

المشهد الثاني: مغامرات في مطار شارل ديغول

أول ما نزلنا، دخلنا مطار شارل ديغول كأننا داخلين فلم جيمس بوند! الكل يمشي بسرعة، وإحنا نمشي كأننا ندور عن سوبرماركت… في التفتيش، فتّشوني كأني مهرب علبة زعتر، وكل شي أطلعه يسألون عنه.

حتى لما طلع كيس الشيبس، سألتني الموظفة:

– “Is this dangerous?”

قلت لها:

– “Yes… for my weight!”

المشهد الثالث: أسبوع في باريس – أماكن ولا في الأحلام!

قضينا أسبوعًا كاملًا نزور باريس، وكل يوم كان مليان ضحك ومواقف لا تنسى:

1. برج إيفل

طلعت له وأنا خايف، نزلت منه وأنا تعبان.

قلت لأخوي: “اللي يصعد فوق برج إيفل، ما يشوف جمال باريس… يشوف عمره يمرّ قدامه!”

2. قوس النصر

صورة… صورتين… بعدها نمت تحته ربع ساعة، صحيت وأحسبني في خيمة عزاء. لكن الصراحة؟ فخم، ومكانه يعطيك إحساس إنك مهم حتى لو ما معك غير يوروين.

3. اللوفر

جيت أشوف الموناليزا، وشفت الزحمة!

قلت: “هذي لوحة؟ ولا إعلان عرض الجمعة البيضاء؟”

ولما شفت حجمها، قلت: “جدتي عندها صينية أكبر من هاللوحة!”

4. ديزني لاند باريس

هنا عشت طفولتي رسمي. ركبت كل لعبة مرتين، وأخوي يقول لي: “كفاية!”

قلت له: “ما أرجع حتى أتصور مع ميكي وأسأله عن سعر حب الشمس !”

5. نهر السين

ركبنا قارب يلفنا حول باريس، وأخويا يتأمل وأنا أتخيل نفسي سقطت بالماء…

سؤال عالق في رأسي: “هل السباحة الفرنسية فيها شياكة؟”

6. الشانزليزيه

سوقهم جميل، لكن أسعارهم كأنك تشتري القمر.

دخلت محل شنط، قال لي الموظف: “Can I help you?”

قلت: “Yes… help me escape without buying anything!”

7. كاتدرائية نوتردام

حسّيت أني داخل قلعة مصاصين دماء، بس بمجرد ما دخلت وشفت الزجاج الملوّن… قلت: “يا الله، ذوقهم حتى في الشبابيك راقٍ!”

المشهد الرابع: الغلطة الأكلية الكبرى!

دخلنا مطعم في الحي اللاتيني، كل شي في المنيو فرنسي، وما في ترجمة.

شفت طبق اسمه “Andouillette”.

قلت لأخوي: “وش يعني؟”

قال: “يمكن نقانق؟ جرب، مغامرة!”

طلبته… وجاء الطبق. ريحته؟ كأن أحد طابخ فردة حذاء قديم.

أخذت لقمة، وقفت! سألت النادل:

– “وش هذا؟”

قال بإبتسامة فخورة:

– “It’s pork intestine with mustard.”

قلت: “شكله كان أمعاء الخنزير… وأنا أكلته كأنها شاورما؟!”

شربت بعدها لتر عصير، ووقفت على الطاولة أقول: “أنا مسلم… أنا مظلوم!”

المشهد الخامس: الفندق والمواقف الغريبة

الفندق؟ أنيق من برّا، لكن الغرفة كأنها غرفة طلاب في سكن جامعي.

السرير ما يرتفع عن الأرض إلا شوي، وأنا أطالع فيه وأقول: “هذا سرير؟ ولا مرتبة نمل؟”

وفي الليل؟ كل ما تحركت، صدر صوت كأن أحد يقلي بيض!

نمت وأنا ماسك البطانية ومتحصّن كأني في حرب باردة!

وفي آخر ليلة، جلست في شرفة الغرفة، أشرب عصير تفاح وأتأمل برج إيفل، وقلت لأخوي:

– “تعرف؟ فرنسا حلوة… بس يبيلها رز، شاهي، وناس تفهم على بعض!”

ضحك وقال: “يعني ما تنفع تعيش هنا؟”

قلت:  “أعيش؟ أنا حتى الملعقة استخدمها بالعكس!”

وهكذا انتهت مغامرتي في باريس، عاصمة الجمال… بس لما تزورها بعيون الولد الشقي؟ تصير عاصمة الضحك!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى