الصداقة


حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري
سمي الإنسان بهذا الاسم لحبه للمؤانسة مع غيره من البشر ؛ فلا يمكن أن يعيش الإنسان بمفرده بعيداً عن الآخرين ؛ فالزوجة تأنس بزوجها ، والأخ يأنس بأخيه ؛ والقريب يأنس بقريبه ؛ والجار يأنس بجاره ؛ ولكن غالبا الصديق يأنس بصديقه وخليله أكثر من غيره بحيث يشاركه أفراحه وأحزانه يستشيره في أفعاله وتصرفاته ؛ يفضي إليه بأسراره وما يضمره في نفسه ؛ ولذا اهتمّ الإسلام غاية الاهتمام بشأن الصحبة والصداقة ؛ ورغب في اختيار الصاحب الصالح ؛ والرفيق الطيب ؛ فقال الله تعالى : ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) ( الزخرف : 67 ) وقال تعالى : ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ) ( الفرقان: 27 – 29 ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( مثَلُ الجليس الصالح والسوء ؛ كحامِل المسك ونافخ الكير ؛ فحامِلُ المسك إمَّا أن يُحذِيك ؛ وإمَّا أن تبتاعَ منه ؛ وإما أن تجدَ منه ريحًا طيبة ؛ ونافخُ الكير إمَّا أن يحرق ثيابك ؛ وإمَّا أنْ تجد ريحًا خبيثة ) رواه البخاري ومسلم ؛ وقال صلى الله عليه وسلم : ( الرجل على دِين خليله ؛ فلينظرْ أحدُكم مَن يخالل ) رواه الترمذي في سننه ؛ وصححه الالباني في صحيح سنن أبي داود برقم 4833 وقال الشاعر :
إذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم
ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه
فكل قرينٍ بالمقارن يقتدي
فلنختر لأنفسنا الأصدقاء الصالحين الذين يذكروننا بالله إذا نسينا ؛ ولايقنطوننا في التوبة إذا أخطأنا وأسأنا ؛ والذين يشكروننا إن أصبنا وأحسنا ؛ والذين يقفون بجانبنا في السراء والضراء ؛ والشدة والرخاء ؛ فلله درهم من أصدقاء أوفياء ؛ وأخلاء أعزاء ؛ ومن أعظمهم قدراً وفضلاً العلماء الناصحون ؛ وطلاب العلم الصادقين ؛ السائرين على هدي السلف الصالحين ؛ عقيدةً ، وشريعة ، وأخلاقا وسلوكاً ؛ نسأل الله أن يهيأ لنا جميعا الأصدقاء الصالحين ؛ وأن يحمينا وأهلينا وذرياتنا من الأصدقاء الفاسدين ؛ وأن يمن علينا وعليكم بصحبة الأنبياء والمرسلين ؛ والصديقين والشهداء ؛ والصالحين من عباده في جنات النعيم . اللهم آمين .