مقالات

مصيدة اللايقين… عندما يصبح الانتظار أقسى من الحقيقة

زينب على درويش

زينب على درويش

اللايقين ليس مجرد شعور عابر، بل دوامة فكرية ونفسية قد تستنزف الطاقة وتترك الإنسان معلقا بين احتمالين لا راحة فيهما.

في عالم تتسارع فيه وتيرة الحياة، تبقى اللايقينية واحدة من أكثر أشكال العذاب النفسي قسوة. فأن تعيش في منطقة رمادية، غير قادر على الفهم أو التنبؤ، هو بمثابة سجن مفتوح الأبواب لا تستطيع الخروج منه.

بين الشك واليقين… نهلك بصمت

خديجة، 33 عاما، تعمل في قطاع التعليم، تحكي أنها قضت عاما كاملا تتساءل إن كان زوجها ما زال يحبها أم لا. لم تكن هناك خيانات واضحة، ولا حتى خصام دائم، لكن كانت الإشارات المتضاربة كفيلة بخلق قلق داخلي مزمن. “يوما يرسل لي وردًا، واليوم التالي لا يرد على اتصالي لساعات”، تقول. “كنت أعيش في تأرجح مرهق بين الأمل والخوف، وكان ذلك أسوأ من لو واجهت الحقيقة المؤلمة.”

علاقات مؤذية… وعذر الحب

هناك نمط متكرر يظهر في بعض العلاقات العاطفية، حيث يمارس الطرف المؤذي نوعًا من “الضرب العاطفي الناعم”: يجرح بكلمة ثم يداويها باعتذار حنون، يهين ثم يُغدق بالمجاملات. هذا التناقض يخلق دوامة يصعب على الطرف المتضرر الخروج منها، خصوصًا إذا اقتنع أن عليه التحمل والتضحية مقابل فرصة “أن يتغير الآخر”.

وعن سارة، 29 عاما، تقول إنها اعتقدت لسنوات أن خطيبها ينتقدها بدافع “حب الحقيقة”. “كان يُخبرني أنني حساسة أكثر من اللازم، أنني أفسد اللحظات بأوهامي”، توضح. “إلى أن بدأت أشك في نفسي فعلا.. وصرت أعتقد أنني السبب في تعاستي.”

المرحلة الأخطر: عندما يتحول الشك للداخل

الأخطر من الشك في الآخر، هو أن تبدأ بفقدان الثقة في نفسك. هنا لا يصبح التعافي مسألة قرار، بل معركة مع أصوات داخلية تُقنعك بأنك لا تستحقين الراحة، ولا النجاح، ولا الحب. تذكر دراسة نُشرت في _Journal of Psychological Health_ أن الشك الذاتي المزمن يُضاعف من فرص الإصابة بالاكتئاب والقلق بنسبة تصل إلى 60%.

الخروج من الدائرة… ليس أنانية

إنهاء علاقة غير واضحة المعالم أو وضع حدود في علاقة متأرجحة ليس ضعفًا، بل ضرورة للبقاء العقلي والنفسي لا أحد يستحق أن يعيش حياته وهو ينتظر قرار طرف آخر بشأن محبته أو قبوله.

الحياة قصيرة، والقلق المزمن لا يمنح فرصة للإزدهار. إن كان الحب سلامًا، فاللايقين سلاحه العكسي. فلا تبقي حيث يربكك الانتظار، وامنحي لنفسك يقينا تبدأين منه من جديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى