ملخص مشاركتي في المؤتمر العلمي العربي في العلوم الإنسانية


د./ آمال بوحرب
المقدمة: التعريف بالأخلاق وعلاقتها بالحياة
تشكل الأخلاق بُعدًا مركزيًا في الحياة الإنسانية، فهي تحدد المعايير التي تنظم سلوك الأفراد داخل المجتمعات المختلفة. تلعب العادات والتقاليد دورًا رئيسيًا في تشكيل الأخلاق داخل المجتمعات التقليدية، بينما يساهم التطور الأسري والتغيرات الاجتماعية في إعادة تشكيل هذه القيم عبر العصور، ظهرت جدلية عميقة بين هذه العناصر، تتطلب فهمًا فلسفيًا دقيقًا. في هذه الورقة، نستعرض كيف تؤثر العادات والتقاليد والتطور الأسري على الأخلاق، ونناقش الفلسفات التي تتناول هذه الجدلية.
المبحث الأول: العادات والتقاليد كمكونات أساسية للأخلاق
تُعتبر العادات والتقاليد من المكونات الأساسية التي تُشكل الأخلاق في المجتمعات تحتفظ هذه العناصر بالتراث الثقافي، وتعكس وجهات نظر ومعايير جماعية حول ما هو صحيح وما هو خاطئ. كما يقول الفيلسوف أفلاطون: “الأخلاق ليست مجرد مفهوم فردي، بل هي مُعطاة للمجتمع”. لذا، تتشكل العادات كعمود فقري يُحافظ على الاستقرار الاجتماعي ويُعزز من الروابط الإنسانية.
المبحث الثاني: تأثير التطور الأسري على القيم الأخلاقية
تدخل التطورات الأسرية في إطار الجدلية مع العادات والتقاليد، حيث تعمل على تغيير القيم الأخلاقية بمرور الوقت. في القرن الواحد والعشرين، بدأت الأسر تأخذ أشكالًا جديدة تتطلب تحليلاً جديدًا للقيم كما يُشير الفيلسوف هانري برجمان إلى أن “التاريخ مفهوم يتطور بشكل ديناميكي”، حيث تُظهر الأحداث الاجتماعية تفاعلاً مع القيم السائدة وتُعيد تشكيلها.
المبحث الثالث: جدلية الأخلاق في عصر الحداثة
تعيش المجتمعات حالة من التوتر الناجم عن تذبذب القيم بين العادات التقليدية والمفاهيم الحديثة. يُعبر الفيلسوف جان بول سارتر عن هذا التوتر بقوله: “إذا كانت القيم مستمدة من المجتمع، فإن الفرد يقع في فخ الطاعة للمعايير الخارجية”. وبالتالي، يُضطر الأفراد لنقاش خياراتهم الأخلاقية في مواجهة الضغوط الاجتماعية، مما يُعزز من عملية التفكر في الأخلاق.
المبحث الرابع: تأثير العولمة على الأخلاق والقيم الاجتماعية
إن ظاهرة العولمة تُحدث تغييرات جذرية في تشكيل القيم الأخلاقية. تفاعل الثقافات المختلفة، كما يقول الفيلسوف هارفي فليشر، يُفضي إلى “توازنات جديدة في الآراء الأخلاقية والمعايير”. في هذه الحالة، نجد أن العادات والتقاليد قد تتعرض للتحول في ظل انفتاح المجتمعات على قيم ومفاهيم حديثة.
المبحث الخامس: نحو إعادة تعريف الأخلاق في السياقات المعاصرة
تتطلب التغيرات الاجتماعية الحديثة إعادة تقييم لمفاهيم الأخلاق، حيث هناك حاجة لفهم أن الأخلاق ليست ثابتة، بل ديناميكية تُعبر عن المستجدات الإنسانية. تتضح هذه الفكرة في كلمات الفيلسوف المعاصر ماريانو روجاس، الذي يُشير إلى أن “الأخلاق هي نتاج التفاعل بين العادات والتقاليد والتطور”، مما يُبرز أهمية التفاعل المستمر بين هذه العناصر في تشكيل الأخلاق.
استدلالات الفلاسفة:
يتمثل دور الفلاسفة في تقديم تصورات مختلفة حول الأخلاق والعادات أفلاطون، برجمان، سارتر، ورجاس، جميعهم يوفرون نقاط انطلاق لدراسة الديناميكيات بين العادات والأخلاق والتطور، مما يُسهم في توجيه النقاش الفلسفي في مجتمعاتنا الحديثة. سنتطرق لهم بالتفصيل من خلال هذه الورقة البحثية
الخاتمة: ماهية الأبعاد والآفاق
تُظهر دراسة العلاقات الجدلية بين العادات والتقاليد والتطور الأسري في المجتمعات الحديثة أنها ليست عملية خطية، بل تتطلب توازنًا دقيقًا ويسعى الأفراد إلى إعادة تفسير القيم الأخلاقية في ضوء التغيرات الاجتماعية والتحديات المعاصرة. بالاعتماد على الفلاسفة الكبار، نجد أن الأخلاق كقيمة إنسانية لا بد أن تتكيف وتتطور وفقًا للتغيرات الداخلية والخارجية. نتمنى أن يسهم هذا البحث في تعزيز الفهم العميق للعلاقة بين العادات والتقاليد والتطور الأسري وكيف تُشكل أخلاقنا في سياقات مختلفة ومتناقضة.
المصادر:
أفلاطون. “الجمهورية”.
هانري برجمان. “التاريخ والعقل”. (1930).
جان بول سارتر. “الكينونة والعدم”. (1943).
ماريانو روجاس. “فلسفة القانون”(1983)
هارفي فليشر. “العولمة والقيم الأخلاقية”. (2002)
أخيرا أرجو أن تكون هذه المشاركة قد أوضحت الأفكار الفلسفية المتعلقة بالأخلاق ودورها في الحياة، وأن تُسهم في إثراء النقاشات العلمية في هذا المؤتمرالمتميز والهادف.