مذكرات الولد الشقي..حين علّمتني الهجرة معنى الثبات


فايل المطاعنى
لم أكن أفهم الهجرة النبوية كما ينبغي… كنت أظنها مجرد قصة تُحكى في الإذاعة المدرسية، نرددها كل عام، ثم نعود إلى فوضى الأيام.
لكن ذات يوم، جلستُ وحدي بعد صلاة الفجر، أتأمل السماء التي لا تزال تمسك بوشاح الليل… وفكّرت:
ماذا لو كنت أنا في مكة يوم الهجرة؟
هل كنت سأقدر على ترك كل شيء؟
بيتي، ألعابي، أصدقائي، ذكرياتي؟
هل كنت سأرحل في الظلام، فقط لأنني مؤمن بفكرة، وبأن الحق يستحق التضحية؟
الهجرة لم تكن رحلة عادية…
كانت خروجًا من الظلام إلى النور، من القهر إلى الحرية، من التهديد إلى الأمل.
فيها سار النبي ﷺ ليس بحثًا عن النجاة لنفسه، بل لبناء أمة… أمة تعرف معنى الرحمة، والعدل، والحق.
في غار ثور، كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يبكي… لا خوفًا على نفسه، بل على من كان بجانبه.
وهنا، يتجلى الحب الحقيقي… حين تخاف على غيرك أكثر من نفسك.
قالها النبي بثبات المؤمن: “لا تحزن إن الله معنا”
تلك الكلمات لم تُقل فقط لأبي بكر… بل لنا، لكل من يشعر بالوحدة أو الضعف أو الضياع.
الهجرة ليست ذكرى فقط…
هي درس يتكرر كل يوم:
أن تهاجر من ضعفك إلى قوتك،
من ترددك إلى يقينك،
من فوضاك إلى ثباتك.
أنا “الولد الشقي”، نعم…
لكنني حين قرأت سيرة النبي، لم أعد كما كنت.
تعلمت أن الرجولة ليست بالصوت العالي، بل بالصبر.
أن الشجاعة ليست في المشاغبة، بل في الصمت الحكيم وقت الشدّة.
وأن القائد الحقيقي، هو من يمشي وحده في الصحراء، يحمل إيمانه لا سلاحه، ويبني حضارة بالكلمة والخلق.
في كل عام هجري جديد…
أكتب على أول صفحة من دفتري:
“ابدأ من جديد… كما بدأ محمد ﷺ.”