الأدب والشعر

ذكريات الولد الشقي

فايل المطاعني

فايل المطاعني

“وبقيتُ مثل السيف فردًا – الجزء الثاني”

في زمنٍ كانت الموسيقى فيه تُعزف على وتر القلب، وكانت الأحلام تركض في أزقة الحارات كالأطفال الحفاة، قررنا – نحن الاصدقاء الذين نحلم بأن نُصبح نجومًا – أن نشكّل فرقة موسيقية… لا لمجرد اللهو، بل لأن أرواحنا كانت تُغنّي قبل أن تنطق أفواهنا، وسبق وتحدثت عن كيفية تكوين فرقة B&H.

لم نكن نملك مسرحًا ، لكن كنا نملك ما هو أهمّ: شغف يشعل الجدران، وقلوب لا تخاف النشاز!

هكذا بدأت حكاية فرقة B&H، وهكذا سأسرد لكم الليلة قصّة الأغنية التي زلزلت قلوبنا قبل أن تُطرب غيرنا…

كانت ليلة الحفل الأولى بمثابة الزلزال العاطفي، توتّر، ضحك، وبنطلونات شارلستون تكاد تعثُر بأقدامنا!

أخي الصغير، ذلك الفتى الذي لا يخشى الجمهور، ظلّ يهمس لنا: “ارفعوا رؤوسكم… أنتم نجوم قبل أن تضيء الأضواء!”

وكان يرقص الراب كما لو كان مايكل جاكسون في نسخة عمانية خالصة!

فادي على الأورج كان يُحلّق بأنامله،

محمد العراقي على الطبلة… كان يُخرج منها أرواحًا لا أصواتًا،

بكري وهارون، كانت عيونهما تبرق كلما بدأنا المقطوعة،

طارق الإنجليزي، كان يلعب الجيتار وكأنه يكتب رسالة حب لكل من يسمعه،

وكنا… نحيا بالموسيقى.

وانطلقت الأغنية، بصوت فادي وكلماتي المغنّاة، وأصبحنا نجوم تلك الليلة… و الجمهور كان مستمتع وكم نملة متطفلة على المسرح الخشبي !

بعدها تنقّلنا في مدن الإمارات، غنّينا في الفجيرة، رقصنا في العين، وسهرنا حتى الفجر في رأس الخيمة… كأننا نطارد أحلامنا على بساط من نوتاتٍ مجنونة.

لكن…

الحياة لا تمنحك الأصدقاء طيلة الطريق، فكما تتوقف الأغنية عند آخر نغمة، توقّفت فرقتنا.

هاجروا للدراسة…

تزوّج محمد بأميرة جعلته يتقاعد من الراب رسميًا!

ورحل هارون، وبقيت وحدي… أكتب ذكرياتنا.

أغنية: بنسير عُمان

بنسير عُمان بلد الرمان،

وبلد الذوق والإيمان،

بنسير عُمان بأغلى الألحان،

نرسم حبك في كل مكان.

بنسير عُمان على لحن الشباب،

رابٍ يعانق ضوء السحاب،

من مسندم نزحف لصحار،

ومن صلالة نهتف ليل نهار.

بنسير عُمان… يا عزّ الدار،

أحلامنا فيك ما لها جدار،

نرسمك لوحة، نغنّيك فن،

يا أمّ المجد من يومك زمن.

بنسير عمان، على طاري السلام،

بقلوبنا شوق، وبأيدينا وئام،

بنسير عمان، نغني للعلم،

ونرفعك دايم، في كل حلم.

الخاتمة:

ورحلت الفرقة، لكن اللحن لا يموت.

قد ننسى الأسماء… لكن الضحكات خلف الكواليس لا تُنسى،

وقد تتوقّف الحفلات… لكن القلب يظل يُصفّق كلّما تذكّر أوّل أغنية.

وبقيتُ مثل السيف… فردًا،

أغني لنفسي…

وأكتب…

كأنني آخر الناجين من عاصفة جميلة اسمها: B&H.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى