التـســـــامـــــح


عائشة أحمد
في ظل القيم الإسلامية المثلى والمبادئ العظيمة، يعيش الإنسان حياة هانئة تعمها السكينة والطمأنينة والسلامة والرضا في الدنيا والآخرة. يحظى بحفظ حقوقه وتطمئن روحه لما عند الله من الخير العظيم. ومن القيم الإسلامية العظيمة التي حث عليها ديننا الحنيف، التسامح، وهو من المبادئ الإنسانية الأصيلة والفطرة التي جعلها الله في جوهر الإنسان.
التسامح يعكس صفات الكرماء وأخلاق الفضلاء، وهو أقرب للتقوى ومرضات الله عز وجل. التسامح ليس من ضعف أو عجز، بل هو دليل قوة الشخصية وضبط النفس، وحملها على الحلم والأناء. كل قيمة إسلامية ومبدأ عظيم يعين المرء على اكتمال منظومة مكارم الأخلاق التي جاء بها ديننا الحنيف، وبُعث النبي صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق بها.
سمات المتسامحين
المتسامحون الذين يتغاضون عن حق لهم أجرهم على الله. قال تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: 237]، ويقول الله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]. يقول النبي ﷺ: (ما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا).
العفو والتسامح في الإسلام
العفو والتسامح من صفات المسلمين الذين يرغبون في ما عند الله. لا يجوز التهاجر، فقد قال النبي ﷺ: (لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا تناجشوا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا). الهجرة ممنوعة لما تفضي إليه من الشر. يقول ﷺ: (لا هجرة فوق ثلاث) وفي حديث آخر: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام).
التسامح والعفو عن المقدرة
التسامح من أسمى الصفات التي أمرنا بها الله عز وجل ورسولنا الكريم. التسامح هو العفو عند المقدرة والتجاوز عن أخطاء الآخرين، وجعل الأعذار لهم، والنظر إلى الحسنات والمزايا وعدم التركيز على الأخطاء والعيوب. الحياة أقصر من أن نتوقف عند المساوئ لتتفاقم الأحقاد والخلافات. علينا أن نمضي في رحلة حياتنا أنقياء النفوس، مرتاحي البال، نحمل في أفئدتنا المشاعر الإيجابية والاحترام للآخرين، ليس فقط من أجلهم بل من أجل أنفسنا لنعيش حياتنا مطمئنين، راضين، سعداء بالجمال في أرواحنا.
كلمات عن التسامح
من أجمل ما قيل في التسامح: “من ترك شيئاً يبتغي فيه وجه ومرضاة الله عوضه الله بأحسن منه، فانفض عنك رداء الخصام وارتدي رداء الصفاء والتسامح، انتصر على نفسك وقدم لكل من أساء لك السماح، وانظر للسماء وابتسم فالله راضٍ عنك الآن.”
أبيات من قصيدة التسامح لأحمد شوقي:
تسامحُ النفس معنىً من مروءتها
بل المروءةُ في أسمى معانيها
تخلقِ الصفحَ تسعدْ في الحياةِ به
فالنفسُ يسِعدُها خلقٌ ويشقيها
ولأجمل من قوله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: “ماذا تظنون أني فاعل بكم؟” فقالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال صلى الله عليه وسلم: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”. فقد ضرب بمقولته الشريفة أروع مثل في التسامح.
فضل التسامح
إن التسامح من نبل الخُلق وصفاء النفس، وهو فضل الله يؤتيه من يشاء. فقد دخل المتسامح رياض الكاظمين الغيظ الذين كظموا غيظهم ولم يعملوا به، وصرفوا شرهم عن خلق الله. قال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134]. فقوله: (والكاظمين الغيظ) أي: لا يعملون غضبهم في الناس، بل يكفون عنهم شرهم، ويحتسبون ذلك عند الله عز وجل. ومع كف الشر يعفون عمن ظلمهم فلا يبقى في أنفسهم موجدة على أحد، وهذا أكمل الأحوال تمهيدًا للتسامح. قال تعالى: (والله يحب المحسنين)، فهذا من مقامات الإحسان وهو أعلى مراتب الدين.
جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.