إحساس


محمد الرياني
ناديتُها
نادتْ عليَّ
قلتُ لها : المطر ..المطر
قالت أخشى عليكَ من المطر.
قلتُ لها : دعيه يزيح ترابَ الأمس
نزلنا من الطابقِ العلويِّ ونحن كالفراشاتِ .
لوني ولونها يشبهان لونَ الفَراشِ الأبيض .
صغيران في أولِ العمر ، لنا أسنان رائعةٌ تحبُّ أن تعبثَ بالبَرَد ، تتسلى دون وجع ، بدأنا نركض في الماء ، نقفز ، نرقص ببراءة ، يغسل أبداننا المطر ، ننظر إلى لونِ السماء ، يأسرنا وميضُ البرق ، نهربُ من صوتِ الرعد ، نحتمي تحتَ لوحٍ من الخشبِ أغرقتْه السحاب ، شيءٌ ما اخترقَ كفي من الخشب ، اختلطَ اللونُ الأحمرُ بماءِ المطر ، وضعتْ كفَّها فوق كفي كي يتوقفَ الجرحُ النازف ، سحبتُ يدي من يدها واتجهنا نقفز دون إحساسٍ مني بالوجع ، قالت : ألا تشعر بالألم ! ازددتُ عنادًا ولوحتُ بيدي في وجهها أمازحها كي تقتنعَ أني بخير ، اصطدتُ قطعةً من البَرَدِ سقطتْ على الأرض ، وضعتُها في قبضتي كي يسكنَ ألمُ الجرح ، جاءتْ نحوي ووضعتْ كفَّها فوق كفي ، قالت لي : عندما نكبرُ هل سنجدُ برَدًا ولوحَ خشبٍ يدمي كفَّيْنا ؟
قلتُ لها عندما نكبر لن نجد طعمًا للبَرَدِ ولن تستلمَ أيادينا الصغيرةُ للوحِ خشبٍ صغير كما الآن ، استمرَّ المطرُ في الهطولِ ، غرقَ شعرنا حدَّ الارتواء ، ظلَّتْ تنظر في عيني وقد اجتمعَ ماءُ عينيها وماءُ المطر ، قالت لي: ما أجملَ عينيك يا ….، كان صوتُ اسمي على لسانِها أعذبَ من المطر.