الأدب والشعر

قيود المنال

عبدالله عمر باوشخه 

عبدالله عمر باوشخه 

أما علمتْ أن (صباح الخير) منها مختلفة!

أما أدركت أنها فنار الحب وأنها الزمن بكل تفاصيله!

وأنها الأهلة بمدها وجزرها، وأنها للعام فصوله الأربعة!

أما شعرت أن دفء يديها كجذوة وردٍ ولفافة رحمة!

 

ثم ما كان منه إلاّ أن طوى وأغلق دفتره.

لم تكترث يوماً لوهجه وبريقه ولمعان عينيه أو لمشاعره وطيبته وحنانه، فقد وضعت في قلبها الأمان وأن فراقه لها أضغاث أحلام، ساقيةً له كأس التخلي يوماً بعد يوم.

 

تغافل عن تجاهلها ومتاهات تصرفاتها حتى بات التغافل لديه غصة، سعى كثيراً لفك طلاسم قسوتها حتى أنه قرأ كثيراً عن حروف اسمها عله يجد من الأحرف سيرة.

 

لقد أدرك في لحظة بأنه إنسان لا معنى فيه للإرادة، عندها فقط شعر بفقدانه رغبة الوصال أو الاستمرار لمستقبل قريب فقد شعر بغياب ذاته عند حضورها.

 

فمكان منه إلاّ أن ارتمى في شغف الاختفاء عنها لعله يتحرر منها، ويخفف ثقل وجوده بقربها، وأنه في استقلاله عنها يمنّي النفس بأن تعود له متعة الحياة ضارباً مع أيامه القادمة صفقة لنسيانها وأنه سيتماثل للشفاء منها ويقل لديه التوتر والقلق والارتياب.

 

ثم عاد وكتب: لن تكون لذة الحياة بجوارها بل الفوضى والهوس وأيام عاتمة، سأصنع السلام لنفسي لن أجعل أحزاني وهمومي تخترق مناطق أخرى من حياتي، قد أشعر بالألم ساعة ولكنها حتماً أفضل من زمنٍ يمضي في تعاسة.

 

في البداية غمرته الوحدة كسحابة رمادية ملبدة لكن مع مرور الوقت تعلم كيف يجد في صمته صوتاً داخلياً جديداً يرشده نحو الحياة وضوئها.

 

عاد إلى ريشته وألوانه تلك التي كانت قد جمعت الغبار في زوايا النسيان مع كل ضربة فرشاة كان يرسم ملامح ذاته الجديدة مكتشفاً ألواناً في نفسه لم يعرفها من قبل.

 

صدقت معه أيامه فبنى علاقات جديدة بثقة متجددة وجدد عهده مع الأصدقاء واحتضن كوباً من القهوة متأملاً كم تغير الصمت الذي كان يثقله ذات يوم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى