الأدب والشعر

تعزف على أوتار قلقها

فتحية اللبودي

فتحية اللبودي

تعزف على أوتار قلقها و أرقها تلك الأوتار الأربعة ترسم باللحن الشجيّ الحزين موسيقى كربلائية تضاهي معزوفةsecret love المرعبة التي سكب عليها نيكوس دم الأساطير اليونانية بملاحمها و قصصها فتشبّع بالياذة هوميروس و أوديسته و لعلّه ألقى بعين الموسيقي على تاريخ هيرودوت و أوحى له أرباب تثاليا الأوائل في الألب فكلّمه في معبد دلفي كبيرهم زيوس و شرب من شرابهم “نيكتار” وسقته هيبي السّاقية بيديها على أنغام قيتارة أبولون وسط غناء الحسان و رقص الجواري، لعلّ نيكوس في معزوفته بات يستعطف ديمترا كي تمدّه بحنين الطبيعة و وقف عند قدمي أثينا كي تجود عليه بالحكمة و لعلّ قلب معزوفته غرست فيه أفروديت سحر حبّها و جمالها و لا يكون الفنّ فنّا دون وصفة من أبولو مالك الشمس و الفنون و لا يكتمل رسم الموسيقى بكلمات الأرباب دون سُكْر ديونيسيوس و عربدات ندماء جلساته كيف لا يكون ذاك و هو ربّ الخمر، تتشرّب معزوفات نيكوس من وحي فلسفات هرمس و جاذبية هيرا التّي تقف بك في المنتصف فلا تجعلك تائها و لا تُبقيك جبانا متقوقعا بل تقف بك في طريق الحياة مرتكزا على أسس متينة فلا تجعلك على أرض رجراجة فهي التي تساعدك على الاستقرار كذلك جعلت من معزوفات نيكوس كالحجر الذي لا يتزحزح من مكانه، تسألني أنّا صوفي موتر: “ما بال نيكوس يعزف على وتر واحد و يُسمعنا لهيب نار هيفيستوس”
أقول لها” نيكوس يعزف لي و لك و تحرّكه إرادة زيوس و أثينا و يرعاه شهاب يعلو من فوق أوليمبوس يصله بباطن الأرض هيدس أمّا نحن فنعزف على أوتار قلوبنا و نسكب عليها دم أوردتنا و شراييننا و نتبّلها بوجع أكتافنا و تلف خلايانا و تعطّل البصلة الشوكية و نرويها بدموع جِرار تسكب دما يزرع شوكا لمن يكبت حقدًا و يتّقد بُغضًا أو لعلّنا نعزف على الرّبابة في الملتقى أو على البزق عند شطحات روحانية و نٙبْني مدرسة البندقية للبزق و نكوّن عائلة غوفريلر و نحصد محصول العام كما حصده الآخرون و نكون ليوم جامب دي فير عوض أن نكون نيكوس أو موتر أو أندريه ريو أو لنكن نحن نحن و سأكون أنا أنا سنكون وترا منفردا و نكون أوتارا لا يمكن أن تنفصل، سنكون واحدًا لا ينفصل و نجاحا لا ينقسم”. لم تُبْدِ موتر اعتراضًا فقط همست همسات بكلام منعّم و جعلت تعزف على أوتار جرحي الذي ينزف لحنًا أندلسيًا و يزرع شقائق النعمان عوض النرجس…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى