اللّحظة الفاصِلة


العنود السرحان
فِي اللّحْظةِ الفّاصِلةِ ..بينَ الحقِيقَةِ و الوهم
تَأوي أَخِيراً إلى كَهْفِكَ المُظْلِم…بِخَوفٍ وَ تَوجُّس
بعْدَ أَنْ ظَللتَ زَمَناً تَهْرُبُ مِنْه ..تَدْلفُ إلى أَغْوارِ نَفْسِكَ حَامِلاً تَسَاؤلاتٍ تَشُدُكَ إليهَا الحَقِيقَةُ والرّغْبَةُ فِي السّلام ، مُتَجاوِزاً مُحَاولاتِ الوَهم بإِخْرَاسِها …بِأَنّهُ لاَ إِجَابَات لهَا إلّا الأَلَمَ الَّذي تَحْمِله…وتُطيلُ التفكيرَ فِي نَفْسِكَ لعَلكَ تَكْتَشِفُها
وتَفْهَمُهَا وَ تَعْرِفُ مَنْبَعَ آلآمها …والتِي كُلما صَدَقْتَ مَعَها
كَشَفتْ لكَ عَنْ أَسْرَارِها….لِتَجِدَ أَنَّكَ تَتَعسفُ فِي مُعَامَلَتِها ،
وَتَسْتَحِثُّها كَثِيراً عَلى مَاهُو أَكْبَرُ مِنْها .. وَكُلَّما أَعْطَتكَ طَالبْتَها بِالمَزِيد …بَنَيْتَ حَولَها قَفَصاً مِنْ أَوهَام..وَأَلبسْتَها الكَثِيرَ مِنْ الأَقْنِعةِ الَّتِي صَنعْتَها مِن الظُّروفِ وَ تَداعِياتِ المَواقِفِ
وَسَيْطَرةِ أَحْكام العَقل الجَمْعي ..أَرْغَمْتَها أَنْ تَلعَبَ أدواراً ليسَتْ لَها حَتَّى انْتَهى بِكَ الأَمْرُ أَنْ تَشْعرَ بِالغُرْبةِ مَعَها ..وَلَمْ تَعدْ تَعْرِفُهَا ، وهِي المُتَأَلِمةُ الَّتِي تُنَاشِدُكَ شَيئاً وَاحِداً فَقط وَهُوَ الصّدق، وأَنْ تَكُونَ عَلى حَقِيقَتِها .
يَا صاحِبي :
إِنَّ دُنْيَاكَ ليسَ مَا تَجِدُهُ فِيمَا حَولَك ..بَلْ دُنياكَ دَاخِل نَفْسك
فِي نُورِ الله الَّذِي أَوْدَعَهُ فِيكَ وَ جَعَلهُ أَمانةً عِنْدك كَي تُضِيئهُ فِي العَطاءِ ..الَّذِي يُشْبِهُك ..لاَ الَّذِي يُفْرَضُ عَليك …
وَ قَدْ تَكُونُ دُنْياك صَغيرةً تَسَعُ القِلةَ ممنْ حَولَك ، وقَدْ تَمتَدُّ لِتَكُونَ الدُّنيا بِأَكْملِها..أياً كانَتْ …المُهِمُ أَنْ تَكُونَ عَلى حَقِيقَتِك
ولاَ تَهْتم لِلزَّيفِ وَ الأَوهَامِ المُحِيطَةِ بِك…وكُنْ كَالقَمرِ لَيسَ لَهُ فِي عُتْمةِ اللّيلِ أَنْ يَقُولَ : هَذا الليلُ مُظْلِمُ !
و إِنَّما يَقولُ : هَا أَنا مُضِيء…فَليصْنَع كُل مِنَّا كَونُهُ الخَاص الحَقِيقِي .. وَلنَسْمَح لِلأَنْوارِ دَاخِلنَا أَنْ تُرْسِلَ شُعَاعَها لِلكونِ الأَكْبَر ؛ فَبِذلك سَنَسْبَحُ فَي سَمَاواتٍ مِنْ ضِيَاءٍ وَ سَلام.