الزراعة مخرج السودان الأمن من الأزمة الاقتصادية.

ظل الطلب المتجدد للغذاء يفرض ضرورة النهوض بالقطاعات الإنتاجية العاملة في مجال الزراعة والمرعي .. فإن العجز الغذائي المرشح للزيادة والتفاقم مع مرور الزمن مالم تتخذ الإجراءات العاجلة الي الحد منه يظل التحدي عظيم في أهمية العمل على تجاوز هذا الواقع الصعب الذي يقبل عليه كل العالم في ظل النزاع و التغيرات المناخية و امتداد فترات الجفاف وانتشار الآفات الزراعية ونواقل الأمراض .. لذلك وحتى تتخذ التدابير المهمة لمقابلة زيادة السكان لابد من زيادة في نمو الغذاء وزيادة فرص الإنتاج وفرص العمل وتوفير الموارد الإقتصادية المتمثلة في دعم الإنتاج و المنتجين من واقع زيادة السكان و َأرتفاع معدلات الفقر و البطالة وضعف الخدمات.. وازدياد الطلب المحلي والإقليمي والعالمي للغذاء مما تقدم نجد لزاما علينا دعوة الحكومة السودانية إلى أهمية الإتجاه نحو الزراعة من خلال توفير المعيانات اللازمة للمزراعين بجانب إلزام جهات الاختصاص الوزارات وازرعها ( وحدات و هيئات مراكز بحوث) الي العمل الفوري والجاد بوضع الخطط والبرامج مع ضرورة أن يقابل ذلك زيادة في معدلات الإنتاج .. ورفع كفاءة المنتجين ودعمهم من خلال توفير وسائل الإنتاج الحديثة.
إذا لم يحدث ذلك فيعني أننا مقبلون علي أزمة غذاء في القريب العاجل لامحاله..بحسب صحيفة الأنتباهة السودانية فقد (حذّر برنامج تابع لمنظمة إقليمية في شرق إفريقيا، الأربعاء، من أنّ الجفاف الحادّ الذي يعاني منه القرن الإفريقي مرشّح للتفاقم هذا العام ممّا يهدّد المنطقة بمجاعة أقسى من تلك التي تسبّبت بمئات آلاف الوفيات قبل عقد من الزمن.. وقال “مركز التوقّعات والتطبيقات المناخية في الهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد) المنظمة التي تضم 8 دول في شرق إفريقيا.. في تقرير إن التوقعات خلال موسم الأمطار المقبل (مارس – مايو) تظهر أنخفاضاً في كمية الأمطار المتساقطة وأرتفاعاً في درجات الحرارة.. كما دعا ووركنيه جيبييهو الأمين العام التنفيذي لـ”إيجاد”، إلى تعبئة دولية عاجلة لمواجهة هذا الجفاف المتفاقم .. كي لا نشعر بالندم بعد فوات الأوان.)
فإن المتتبع للأحداث عندنا في السودان يلاحظ ضعف الإنتاج في كافة السلع الأساسية لأسباب كثيرة من بينها التغيرات المناخية وأنعدام الأمن في المناطق الحدودية بجانب عزوف المنتجين عن الإنتاج بسبب إرتفاع التكلفة و قلة العائد.. إلى جانب الرسوم والجبايات الباهظة وضعف التدريب علي الإنتاج الحديث الذي بدأت تدخله معظم البلدان من حولنا فذلك أثر بلا شك علي العمليات الإنتاجية في جميع مراحلها.. كما أثر أيضا على ضعف الموارد إن كانت زراعية أو حيوانية أو صناعية هذا الواقع جعل بلادنا تعمل على سد الفجوة الغذائية عبر الاستيراد الذي يشكل ضغط كبير علي الموارد المحدوده.. مما شكل خلل كبير في الميزان التجاري حيث أرتفع معدل الاستيراد في ظل ضعف الموارد الذاتية إلى جانب توقف الاعانات الدولية.. مما خلق واقعا صعبا على المواطن والدولة وشكل معوقا أساسياتفي النهوض الاقتصادي .
لذلك ندعوا إلى أهمية الاستجابة لنداء المنظمة الدولية و تجاوز هذه المعوقات في كل جوانبها إن كانت طبيعية أو سياسية باستصلاح الاراضي الزراعية وتنظيم وتوسيع عمليات الري والاستفادة من كافة الموارد المائية وداخل التقانات الحديث والتدريب وجعل النشاط الزراعي في المقدمة لدعم العملية الإنتاجية.. وجعل تمويل القطاعات المساهمة في وفرة الغذاء ملزما بإعطائها الأولوية في ميزانية الدولة هذا إلى جانب تنظيم أمر التشريعات والقوانين المنظمة لعمليات الإنتاج .. أيضا هناك معوقات سياسية بما أن النشاط الزراعي والرعوي يتصدران النشاط الغالب لأهل السودان فإن الحكومة مطالبة بتوفير الاستقرار والأمن و التدخل لصالح المنتجين بالحوافز الجاذبة لدعم قطاع الإنتاج الزراعي والرعوي والصناعي أسوة بالدول الاخري بتخفيف حدة الضرائب ورسوم الإنتاج وجذب رؤس الأموال العربية والعالمية بتهيئة بيئة الاستثمار وتجهيز الخريطة الاستثمارية حسب أولويات الحكومة العاجلة.. وتطوير البنيات الإنتاجية من خلال توفير الدعم المالي المستمر مثال ذلك دخول البنك الزراعي وكافة البنوك التجارية في التمويل وشراء المنتجات بأسعار مجزية من المنتجين في حال حدثت أى إشكالات مؤثرة على المزارعين أو الرعاة أوأصحاب الصناعات الغذائية ذات العائد الاقتصادي .. وهذا مايعرف بحماية المنتج الذي يعتبر عماد اقتصاد الدولة.
مؤخرا وحسب سونا فقد شهدت قاعة الصداقة بالخرطوم فعاليات ملتقى السودان الزراعى العالمي الثالث..بحضور وزير الزراعة والغابات أبوبكر عمر البشرى، ومحافظ مشروع الجزيرة والخبراء والباحثين الزراعيين والمزارعين وعدد من السفراء والشركات العاملة المحلية والدولية في القطاع الزراعي والجهات المختصة حيث أكد وزير الزراعة والغابات المكلف أن السودان يمتلك كل الفرص للنهضة الزراعية وتأمين الغذاء للاكتفاء الذاتي والتصدير للدول.. وإن الاراضي الصالحة للزراعة 175 مليون فدان ويوجد النيل العظيم واكثر من 20 نهرا موسميا ومياه جوفية وامطار مقدرة وموقع متميز وتعدد مناخات تنتج أنواعا من المحاصيل والخضر والفاكهة والغابات .. خرج الملتقى بعدة توصيات أعتبرها المراقبون جيدة إذ انها لامست القضايا الأساسية المعوقة للإنتاج كما أنها تعتبر تأسيس لمرحلة جديدة يتطلع فيها أهل السودان إلى التدابير الجيدة لتفادي أزمة الغذاء المحتملة.
خلاصة القول أننا مقبلون علي أزمة غذاء بالنظر الي ما أعلنته المنظمة الدولية من تغيرات محتملة للمناخ وتأثر سلاسل الإمداد جراء الحرب الروسية الاوكرانية والنزاعات التي تجري في عدد من مناطق العالم والإقليم لذلك لابد من أن تكون بلادنا واعية بكل هذه المخاطر فتحسن استغلال مواردها بصورة جيدة باستصلاح الاراضي الزراعية و توفير المياه لإيجاد إنتاج غذائي ثابت ومستقر عبر إدخال التقانات الحديث في الري والزراعة وتطوير بيئة الحيوان من خلال زياد المساحات الخضراء للرعي واللقاحات المستمرة لمكافحة الأمراض ..هذا الي جانب تطوير الصناعات التحويلية لإعطاء المنتجات قيمة تنافسية مضافة.. مع التركيز علي تثقيف المنتجين بالتدريب المستمر وإدخال وسائل التوعية والاتصال الحديثة ونهوض الاعلام التنموي للقيام بواجباته الوطنية في رفع الجودة المنتجات وزيادة معدلات الوعي لدي المزارعين والرعاة وكافة المنتجين .. لذلك تعد الزراعة مخرج السودان الأمن من الازمة الإقتصادية وأزمة الغذاء المحتملة في حال أتجهت ارادة الدولة إلى التدخل العاجل عبر إجراءات ناجعة تمكن المزارعين وكافة المنتجين من الإقبال على العمل الزراعي والرعوي بقلب مفتوح ورجات املة في النجاح والتميز وتحقيق الربحية والوفرة ذات العائد المجزي .
دمتم بخير…،