نجوم الراب السعودي يتألقون في “سايفر جدة” إحتفالاً باليوم العالمي للهيب هوب


إلهام علاء
إحتفلت تسجيلات مدل بيست باليوم العالمي لموسيقى الهيب هوب، في مشهد فني يعكس الحراك الموسيقي المتنامي في المملكة السعودية، من خلال إطلاق فيديو كليب “سايفر جدة”، الذي جمع لأول مرة ثمانية من أبرز نجوم الراب الصاعدين في السعودية.
هذا العمل لم يكن مجرد إنتاج موسيقي جديد، بل كان خطوة مدروسة تهدف إلى تقديم صورة واضحة عن المشهد المحلي للراب، وإبراز أصوات جديدة تحمل شغفها ورؤيتها الإبداعية إلى جمهور واسع. من خلال كلماتهم الجريئة وأدائهم القوي، تمكن هؤلاء الفنانون من تقديم لوحة فنية متكاملة تمزج بين الثقافة السعودية وروح الهيب هوب العالمية.
وإختيار مدينة جدة لتصوير “سايفر” لم يأت من فراغ؛ فالمدينة الساحلية كانت على مدى عقدين نقطة إنطلاق موجة الهيب هوب في المملكة منذ مطلع الألفينات، حيث شكلت بيئة حاضنة لتجارب موسيقية شابة وجريئة.
إنطلقت أولى المحاولات في هذا اللون الفني، لتؤثر لاحقا في إتجاهات الشباب وتفتح أمامهم أبوابا للتعبير الحر عن قضاياهم وأفكارهم. ولذلك، كان من الطبيعي أن تعود جدة لتكون مسرحا لهذا العمل، في محاولة لإعادة وصل الماضي بالحاضر، وتجسيد كيف تطور المشهد من بدايات بسيطة إلى إنتاجات احترافية تنافس على الساحة الإقليمية.
الجمع الكليب أصواتا شابة تحمل كل منها هوية فنية خاصة، وهم: أحمد المسرحي، رعف، جونيور تي، أودي، محمد ميم، الشيخ، لورد عمر، ودحمز.
على الرغم من إختلاف أساليبهم وخلفياتهم الموسيقية، إلا أن “سايفر جدة” وحدهم تحت إيقاع واحد وروح جماعية، ليشكلوا معا مشهدا مصغرآ لما يمكن أن يقدمه الراب السعودي من تنوع في الأداء والمواضيع. هذا التنوع لم يكن نقطة قوة فنية فحسب، بل يعكس أيضا تنوع المجتمع السعودي نفسه، من حيث الرؤى والتجارب الحياتية التي تغذي النصوص الغنائية.
إطلاق “سايفر جدة” تحت مظلة مدل بيست لا يعد سوى بداية لمشروع أكبر، إذ أعلنت الشركة أن هذا العمل يمهد الطريق لإصدار ألبوم جماعي يضم جميع فناني السايفر، ومن المتوقع الإعلان عنه قريبا.
يشكب هذا المشروع خطوة إضافية في إتجاه الاحترافية، ويعكس رغبة حقيقية في بناء مشهد راب سعودي مستدام قادر على المنافسة في أسواق المنطقة، وربما على المستوى العالمي أيضا.
تزامن صدور “سايفر جدة” مع الذكرى الـ 52 لإنطلاق موسيقى الهيب هوب، التي وُلدت عام 1973 في حي برونكس بنيويورك، لتتحول عبر العقود إلى ثقافة عالمية تجمع بين الإيقاع، والرقص، والفن البصري، واللغة الشعرية المميزة. واليوم، بعد أن كانت أصواتها تنبع من أحياء الأميركيين من أصول أفريقية، نجدها تصل إلى جدة، حاملة معها نفس القيم الأساسية التي نشأت عليها: الحرية، التعبير عن الذات، ومناقشة القضايا الاجتماعية والسياسية.
“سايفر جدة” ليس مجرد فيديو كليب للإحتفال بمناسبة عالمية، بل هو علامة فارقة تؤكد أن الراب السعودي لم يعد مجرد محاولات فردية متناثرة، بل أصبح حركة فنية لها صوت، ووجوه، ورؤية واضحة للمستقبل. هذا العمل قد يشكل مرجعا للأجيال القادمة التي ستواصل رسم ملامح مشهد موسيقي سعودي أكثر تنوعا وجرأة، يستلهم الماضي ويصنع حاضره بخطى واثقة.