“حين تكلّم الصمت”


عبهر نادي _ المدينة المنورة
لم يكن الأمر قرارًا مفاجئًا… بل تراكمٌ طويل لسكوتٍ كان يتظاهر بالقوة . قلبٌ امتلأ بما لا يِقال !
أحيانًا نظن أن الصمت يحمي قلوبنا، لكن الحقيقة أن الصمت يربطنا أكثر بما يؤلمنا، حتى تصبح الكلمات طوق النجاة الوحيد…
هكذا وجدت نفسي أمام لحظة بوح لا تشبه غيرها… بوح ثقيل، ناضج، يشبه رسالة أُرسلت متأخرة لكنها لم تفقد حقها في الوصول.
إننا أحيانًا نظلم أنفسنا ونحن نبتلع الغصّة حتى لا نجرح أحدًا، ونخبئ دموعنا خلف ابتسامة حتى لا نثقل على قلبٍ نحبه. لكن الحقيقة أن هذا الثمن باهظ، وأن قلوبنا لا تُصان بالكتمان، بل بالبوح لمن يستحق.
حين أتانا الخذلان من أقرب الأبواب إلينا، تظاهرنا بالقوة رغم احتياجنا لمن يلتقط شتاتنا دون أن نسأل…
ماأريد قوله إننا أضعنا الكثير من العمر ونحن ننتظر اللحظة المثالية لنعيش، ثم نكتشف أن اللحظة الوحيدة التي نملكها هي هذه التي بين أيدينا الآن.
عرفتُ مؤخرًا أن الحب لا يُقاس بعدد الرسائل أو الكلمات، بل بصدق الحضور، وأن الرحمة في القلب أهم من فصاحة اللسان، وأن الطمأنينة لا يمنحها إلا من أحبك بعمق، لا من أحبك بصوت عالٍ.
هذه ليست دروسًا ولا حكمًا مكتملة، بل شظايا من شعور، ربما وجدت طريقها إليك، أو ربما كنتَ أنت أيضًا تنتظر من يكتب عنك دون أن يذكر اسمك.
حين أفرغت هذا البوح من صدري، أدركت أنني لم أكتب لأتحرر بالكامل، بل لأخفف الحمل قليلًا. فالكلمات، حين تُقال، تتحول من ثِقلٍ في الروح إلى أثرٍ على الورق… وأحيانًا يكفينا أن نرى وجعنا مكتوبًا لنعرف أننا تجاوزنا نصف الطريق نحو السلام .