الأمل في التأمل


د. هنيدة بنت نزيه قدوري
” أعظم الإنجازات حققها أناس واصلوا محاولاتهم عندما بدأ أنه لا أمل لهم في النجاح ” ديل كارنيجي
التأمل منهج رباني فكثير من آيات القرآن الكريم تدعو إلى التأمل والتدبر والتفكير في خلق ومخلوقات الله تعالى ، ومن خلال التأمل يمكن التحكم في الدماغ وقد أثبتت الأبحاث أنه أسلوب لتغيير سلوك الأفراد تجاه الحياة وينشأ من داخل قرارات الفرد وعقله وهو غير محصور على فئة معينة؛ لأنه وسيلة لتدريب العقل فاتخذ نهج في تعليم الأطفال في مدارس التعليم الحديثة ،كما أن التأمل أجمل ما فيه يحمل الأمل في طياته لأنه يساعد على التركيز وتعميق الفكر وصفاء الذهن وتجنب التشتت وتحسين المزاج والسلام النفسي الذي يجدد طاقة الإنسان الإيجابية مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية لتحقيق النجاح في الإنجازات المستهدفة.
فالتفكير التأملي يؤدي إلى حل المشكلات ووضع البدائل؛ لاتخاذ القرارات السليمة البعيدة عن التعميم والمبالغة والتهوين والتسويغ والتناقض والقولبة وأخذ الأمور على محمل شخصي والتشتت وإنكار وجود الشيء والتي تعد من أخطاء التفكير ؛ لذا مؤسساتنا تحتاج إلى الممارسات التأملية والتدريب عليها وذلك لأن التأمل يساعد على التفكير المتعمق في أداء العمل؛ لمساعدة الموظفين على تطوير قدراتهم بالتعرف على نقاط القوة وتعزيزها والتغلب على نقاط القصور وتحسينها ،وتحقيق الرضا الذاتي والوظيفي والثقة بالنفس ويقلل من التوتر النفسي ويجعل الموظفين أكثر هدوء مما ينعكس إيجابيًا على عملهم ،وينمي شعور الموظفين بالمسؤولية تجاه مستوى أدائهم ونموهم المهني والوصول إلى النضج المهني لديهم ، ويساعد على اتخاذ القرارات الواعية الخاصة بالنمو المهني المستدام ووضع الخطط التدريبية والتطويرية للموظفين في المؤسسة وفق أسس علمية، ويشجع التفكير التأملي على تنمية مهارات التعلم الذاتي والبحث لدى العاملين وزيادة دافعيتهم للتجديد والتطوير ومواجهة التحديات، وتوثيق الخبرات واستفادة الآخرين منها للتوجه نحو المجتمع المعرفي من خلال استخدام أدوات التأمل التي تساعد الممارس على أن يتأمل أدائه وممارساته ذاتيًا للوصول إلى الأداء الأفضل بالإمكانات الممكنة ومنها: المذكرات اليومية التي تصف ممارسات الموظف بشكل مختصر ؛ للتفكير فيها لاحقًا بغرض تحسين الأداء المستقبلي ، السيرة الذاتية (C.V ) وهي بطاقة للتعريف بالموظف وتعني مسار حياة الفرد المهنية ،الحوار الذاتي فهو عبارة عن محادثة بين وجهين من الذات الداخلية؛لمساعدة الموظف على بلورة أفكاره المتصلة بممارساته المهنية؛ لجعلها أكثر نضجًا ، التقويم الذاتي الذي يساعد على تحديد المشاكل التي تواجه الموظف ،البحث الإجرائي( بحوث العمل ) وهي الأبحاث التي يقـوم بها الموظف بعد أن يتدرب على ذلك ؛ بهدف تطوير أدائه وممارساته ، أو لحل مشكلات تواجهه في العمل ،وسجل الإنجاز المهني فهو حاوية تضم الشاهد على كفايات الموظف وخبراته وإنجازاته التي تعكس جهده وتقدمه ونموه وإسهاماته خلال فترة زمنية محددة ويتم الحكم عليها وتقويمها وفق معايير محددة ومعلومة لديه مسبقًا، فيمكن للموظف استخدام أكثر من أداة تساعده على تحسين ممارساته العملية وتوثيقها للاستفادة منها فيقول حكيم “لا تجعل الخبرات تمر دون أن تسجلها حتى تتاح لك الفرصة أن تعود إليها وتتأملها و تستفيد منها”.