ماهر عبدالوهاب
في مؤشر جديد على التحول الجذري الذي يشهده العالم الرقمي، كشفت شركة OpenAI أن منصتها الشهيرة ChatGPT تستقبل يوميًا أكثر من 2.5 مليار طلب (Prompt) من المستخدمين حول العالم، من بينها حوالي 330 مليون طلب من داخل الولايات المتحدة الأمريكية وحدها.
وجاء هذا الإعلان عبر تقرير نشره موقع Axios، ليسلط الضوء على الزخم المتسارع الذي يعيشه الذكاء الاصطناعي التوليدي منذ بداية عام 2023.
ما يلفت الانتباه في هذه الأرقام ليس فقط ضخامتها، بل السرعة اللافتة في نمو الاستخدام؛ ففي ديسمبر الماضي صرّح الرئيس التنفيذي لـ OpenAI سام ألتمان : أن عدد الطلبات اليومية إلى ChatGPT تجاوز حاجز المليار طلب يوميًا.
وبعد مرور أقل من ثمانية أشهر، تضاعف الرقم بأكثر من مرتين ليصل الى 2.5 مليار ، ما يُظهر إقبالًا عالميًا استثنائيًا على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التفاعلي في الحياة اليومية، سواء في التعليم، أو العمل، أو حتى الترفيه.
وبالرغم أن Google لا تصدر بيانات يومية مفصلة بشأن حجم عمليات البحث، فإن شركة Alphabet (الشركة الأم لـ Google) أعلنت مؤخرًا أن محرك البحث يتعامل مع أكثر من 5 تريليونات عملية بحث سنويًا، أي ما يعادل نحو 14 مليار عملية بحث يوميًا.
وتتوافق هذه البيانات مع تقديرات شركات تحليل السوق، مثل NP Digital التي قدرت الرقم بـ 13.7 مليار، وشركتي SparkToro وDatos اللتين رجحتا أن يبلغ عدد طلبات البحث اليومية قرابة 16.4 مليارًا.
وبمقارنة هذه الأرقام، يبدو أن ChatGPT بدأ يزاحم Google كأحد الوجهات الرئيسية للبحث والمعرفة، خاصةً في المجالات التي تتطلب تحليلًا سياقيًا، أو توليدًا لغويًا، أو حلولًا إبداعية لا توفرها محركات البحث التقليدية.
تحوّل ChatGPT خلال الأشهر الماضية من مجرد أداة تقنية مبتكرة إلى نظام مساعد يومي لملايين المستخدمين. فقد أصبح يُستخدم في كتابة الرسائل، تلخيص الوثائق، توليد الشيفرات البرمجية، إعداد المحتوى، والمساعدة في القرارات التعليمية والمهنية ، مما يفسر تزايد الاعتماد على ChatGPT.
وتعمل OpenAI باستمرار على تطوير المنصة، حيث أطلقت نسخًا متعددة من النموذج (بما في ذلك GPT-4)، وأضافت ميزات مثل التصفح الفوري، وتحليل الصور والملفات، وربط التطبيقات الخارجية، ما زاد من قدراته وجاذبيته.
قد يبدو من المبكر الحديث عن تفوّق مباشر ل ChatGPT على Google ، لكن الأرقام الحالية ترسم ملامح مستقبل واعد لأدوات الذكاء الاصطناعي التفاعلي ، ففي أقل من عامين اقترب ChatGPT من نصف حجم بحث Google اليومي، مع نمو أسرع، وتوسع في الاستخدام، وقاعدة جماهيرية متزايدة.
وفي ظل هذا التقدّم، تتجه كبرى شركات التقنية إلى دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في منتجاتها الأساسية، في سباق واضح نحو السيطرة على مستقبل المعرفة والبحث
