حوارات صحفيه

عصماء الكحالية في ضيافة مجلس الحكواتي

في مجلس الحكواتي

حوار : فايل المطاعنى _عمان

حوار : فايل المطاعنى _عمان

في زاوية من زوايا الحرف الندي، وضمن أجواء مجلس الحكواتي المفعم بالدفء الأدبي، نستضيف اليوم كاتبة تحمل بين أناملها شغف الكلمة وروح القصيدة.

هي التي ترى في الحرف ملاذًا، وفي الكلمة مرآة، وتؤمن أن الأدب ليس ترفًا بل ضرورة إنسانية…

نرحب بـعصماء بنت محمد الكحالية، الكاتبة والشاعرة والروائية قيد الاكتمال، التي أزهرت حروفها على ضفاف الشعر والمقالة وأدب الرسائل.

 

1. من هي عصماء بعيدًا عن الورق والحبر؟ وهل تتذكّرين متى بدأ الحرف يخفق في داخلكِ لأول مرة؟

ج أنا روح تبحث عن صوتها وسط الصمت، وجسد يحمل ألف قصة لم تُروَ بعد.

حين وجدت أن الكلمات هي الملاذ الوحيد للصراخ، والنافذة الوحيدة للنظر إلى عالمي .

2. قلتِ: “الكلمة مرآتي”… فماذا رأت عصماء في مرآتها حين كتبت أول نص؟ وماذا ترى الآن؟

ج  في أول نص، رأيتُ فتاة تبحث عن صوتها وسط ضجيج العالم كانت الكلمة مرآة ضبابية، أكتب لأفهم نفسي.

أما اليوم، فأكتب لأنني فهمت، لأنني صرت أرى في الكلمة موقفًا لا مجرد شعور… مرآتي الآن أكثر وضوحًا، وأكثر صدقًا.

3. بين الشعر الفصيح والمقالة والخاطرة، كيف تختارين قالبكِ الأدبي؟ وهل تنوّع الأسلوب نابع من مزاج الكاتبة أم من مزاج النص؟

ج في الحقيقة، اختيار القالب الأدبي نابع من مزاج النص ومزاج الكاتبة معًا أحيانًا يفرض النص نفسه ويختار شكله، وأحيانًا أكتب بحسب ما أشعر به داخليًا فالحالة الشعورية هي من تقودني هناك نصوص لا تحتمل التزويق الشعري، فتكون مقالة وأخرى لا تقبل إلا أن تُقال شعرًا وفي المنتصف، تسكن الخاطرة، تلك المساحة الحرة بين الحرف والإحساس.

4. لكِ أربعة إصدارات أدبية منشورة، أيها الأقرب إلى قلبكِ؟ ولماذا؟

ج -كل إصدار له مكانته الخاصة في قلبي، فلكل نص ذاكرته وظرفه الشعوري، لكن كتاب “بيت جدي” هو الأقرب إليّ. فيه كتبت حكايتي مع الفقد الأول، وكان مساحة للبُكاء المكتوب والحزن النبيل على من رحل. كما أنه كان أول إنجاز يُطبع ويُلامس أيدي القرّاء، ولهذا سيظل الأقرب، لأنه كان البداية… والبدايات لا تُنسى.

5. وأنتِ تمضين في كتابة روايتك الأولى، كيف وجدتِ هذا الشكل السردي؟ وما التحديات التي تواجهينها فيه؟

ج ـالسرد الروائي مختلف وأصعب، لكنه يمنحني مساحة حرة للتعبير بلا حدود. أكتب روايتي منذ خمس سنوات، لأنها حكاية تحتاج وقتها لتنضج وتُكتب كما تستحق.

6. في زمن تسرّعت فيه الصورة وخفت فيه صوت الكلمة… كيف تحافظين على حضور النص العميق؟

ج أحاول قدر المستطاع أن أكتب بصدق شعوري، فالنص الصادق هو الوحيد القادر على لَمس القلب، حتى في زمنٍ خفت فيه صوت الكلمة.

7. شاركتِ في ملتقيات أدبية داخل السلطنة وخارجها… هل كان لتلك اللقاءات دور في تشكيل رؤيتك الأدبية؟

ج أكيد، تلك اللقاءات كان لها دور كبير في تشكيل شخصية عصماء اليوم. فتحت لي آفاقًا أوسع، وعرّفتني على تجارب مختلفة، وأسهمت في نضج رؤيتي الأدبية والإنسانية.

8 عضويتكِ في المجالس الأدبية… ما أهمية الانتماء لمثل هذه الحلقات الفكرية؟ وهل الأدب يحتاج لعزلة أم لمشاركة؟

ج الانتماء للمجالس الأدبية مهم جدًا، لأنها بيئة محفزة للنقاش وتبادل الفكر.

والأدب برأيي لا يكتمل في العزلة فقط، بل يحتاج للمشاركة، لأن الكلمة تنمو بالحوار وتتطور بالاحتكاك بتجارب الآخرين.

9. قلتِ إن الأدب “حاجة إنسانية”؛ فهل برأيك ما زالت الكلمة قادرة على التغيير؟ أم أن زخم الحياة غطّى على صوت الأدباء؟

ج الكلمة ما زالت قادرة على التغيير، شرط أن يتكاتف الجميع حولها صحيح أن زخم الحياة قد يطغى أحيانًا على صوت الأدباء، لكن الكلمة الصادقة والقوية تجد دائمًا طريقها لتصل، وتُحدث تأثيرًا الأدب يبقى صوتًا لا يُمكن تجاهله مهما تغير الزمن.

 

10. هناك من يقول إن هناك “أدبًا نسائيًا” وآخر “رجاليًا”… كيف ترين هذا التصنيف؟ وهل للنوع أثر في نبرة النص؟

ج بالنسبة لي، لا يوجد أدب نسائي أو رجالي بمعنى الفئة المنفصلة، لأن الأدب واحد مهما تنوعت أنواعه. الاختلاف الحقيقي ليس بين جنس الكاتب، بل بين عمق الشعور وصدق الحرف.

الرجل والمرأة كلاهما ينثران مشاعرهما وحروفهما، وهذا هو جوهر الأدب: التعبير الصادق عن الإنسان، بغض النظر عن جنسه.

11. ما بين نصٍّ يمسّ القلب وآخر يوقظ العقل، هل تكتبين بعقلكِ أم بقلبكِ؟ وأيهما ينتصر حين تتصارع الأحاسيس والفكرة؟

ج أكتب بعقلي في الأساس، خاصة في المقالات التي تتطلب تنظيماً للأفكار وتحليلاً دقيقاً. أما في الشعر والخاطرة، فقلبي هو الذي يقودني، لأنهما ينبعان من مشاعر عميقة.

وعندما تتصارع الأحاسيس والفكرة، غالبًا ما ينتصر القلب، فهو مصدر الإلهام الحقيقي الذي يعطي للكلمة روحها.

12. أخيرًا… ما الحلم الذي تسعين لكتابته يومًا؟ والكلمة التي تتمنين أن تبقى خالدة باسمك؟

جـ حلمي أن أكتب رواية تُلامس وجدان القارئ وتبقى في ذاكرته، قصة تحمل نبض الحياة بكل تفاصيلها وألوانها، تروي معاناة الإنسان وأمله، وتحتفل بقوة الروح.

أما الكلمة التي أتمنى أن تبقى خالدة باسمي، فهي كلمة “صدق”؛ لأن الصدق هو جوهر الكتابة، والنبض الحقيقي الذي يحول الحرف إلى حياة.

وفى الختام .. بهذا القدر من البوح والإبداع، اختتمنا جلستنا الجميلة مع الكاتبة عصماء بنت محمد الكحالية، التي أبحرت بنا في عوالم الحرف، وفتحت نوافذ الروح على نسيم الأدب.

شكر من مجلس الحكواتي:

يتقدّم مجلس الحكواتي بجزيل الشكر والامتنان للكاتبة عصماء الكحالية على حضورها الكريم، وحروفها الندية، التي تركت أثرًا في القلوب والعقول.

كلمة أخيرة للكاتبة

أحب أشكرك أولًا على هذا الحوار الرصين والدافئ

الأسئلة كانت منسوجة بعناية تنصت لما خلف الحرف مو بس لما هو مكتوب فيها ذكاء، ومساحة تسمح لي ككاتبة إني أتنفس وأعبّر بدون قوالب جاهزة. أكثر حاجه أعجبتني هي أن الأسئلة كانت شخصية بدون ما تكون متطفلة، وكانت فكرية بدون ما تكون معقدة

خلتني أراجع نفسي وأنا أقول أجابتي، وهذا هو عمق الحوار الحقيقي: إنه ما يكتفي بالإجابات، بل يوقظ الأسئلة داخلي من جديد

وايضا كلمة لكل من يحمل القلم في قلبه قبل يده: اكتبوا بصدق، ولا تخافوا من الحرف إذا كان نابعًا من روحكم.

لا تُجاملوا في مشاعركم، ولا تكتبوا لترضوا الجميع… اكتبوا لتعيشوا، لتشفوا، ولتُخلّدوا ما لا يُقال بصوت.

وأخيرًا، شكرًا لكل من قرأ لي، واحتفظ بكلماتي في قلبه… فذلك أعظم تكريم لكاتبة بدأت، وما زالت تحاول أن تقول شيئًا يستحق أن يُذكر.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى