مقالات

حين يسرقنا العمر

وجنات صالح ولي

وجنات صالح ولي

على هامش العمر… حين سرقونا ونحن نبتسم

قد نمضي أعوامًا طويلة ونحن نُراكم إنجازات وأحلامًا ليست لنا، نُرضي الآخرين، نرتب خطواتهم، ونُداوي جروحهم… بينما نؤجل جروحنا، ونخنق أحلامنا في الأدراج المغلقة.

نظن أننا نعيش، والحقيقة أننا فقط نؤدي أدوارًا كُتبت لنا على مسرح حياة الآخرين. نمنح مشاعرنا بسخاء، نُهدي أوقاتنا بصدق، ونسمح لهم أن يقتطعوا من عمرنا أثمن اللحظات، حتى نصحو ذات يوم على سؤال موجع: أين أنا من كل هذا؟

متى كانت آخر مرة ضحكنا فيها من القلب؟ متى كان آخر يوم عشناه لأجلنا، لا لأجل رضا أحد؟

نكتشف — بعد فوات الأوان أحيانًا — أننا وقفنا طويلًا على قارعة الطريق، نُراقب مرور العمر، ونُراقب أحلامنا وهي تتساقط كأوراق الخريف.

اليقظة ليست حدثًا مفاجئًا، بل لحظة صفاء، لحظة صدق مع الذات. لحظة نهمس فيها لأنفسنا: «أنا أستحق أن أعيش، أن أحب، أن أحلم… لأجلي أنا، قبل أي أحد».

اليوم، قبل أن يلتهمك قطار الأيام، تذكّر:

لك الحق في أن تعيش كما تحب، لا كما يريدون.

لك الحق في أن تختار وتفرح وتخطئ وتُعيد المحاولة.

لك الحق في أن تحمي قلبك من كل من يستهلكه، حتى لو بدا ذلك أنانية، فهي في الحقيقة أصدق أشكال الرحمة بالنفس.

العمر لا يُعاد، لكنه يُستدرك باليقظة.

لا تنتظر أن تستيقظ على أبواب شيخوخة الروح، ولا تسمح لشيء أو لأحد أن يسرق منك أجمل أيامك.

قد لا نملك حق التراجع والعودة، لكن نملك كل الحق في أن نولد من جديد، في كل لحظة نقرر فيها أن نعود إلى ذواتنا… حين ندرك أن الحياة لا تنتظر أحدًا، وأن العمر أغلى من أن يُهدى لغيرنا ونحن غائبون عن أنفسنا.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى