ذكريات الولد الشقي..معركة بورهاوز… والتحالف التاريخي!


فايل المطاعنى
في طفولتنا الجميلة، لم نكن نعرف شيئًا اسمه “الحياد”. كل حارة عندها جيشها، وفتيانها، و”الفتوة” اللي يمثل الهيبة في الزاوية!
تعلمنا مصطلح “الفتوة” من أفلام الأبيض والأسود المصرية، وبما أن مصر أم الدنيا، صار تراثها أم الحارات كلها. وكل حارة لازم يكون فيها “فتوة” يمشي قدّام، وصوته قد الجبل!
في حارتنا، كنا مثل مجلس الأمن… ما نسمح لأحد يعتدي على أي واحد فينا، خاصة البنات اللي كنا نعتبرهن “أخواتنا”.
وذات يوم وأنا راجع من البقالة ماسك كيس فيه علبة بيبسي ومجموعة علك بوبلي شوك، شفت شاب من حارة ثانية واقف عند سور المدرسة، يحاول يعطي بنت من بنات حارتنا رقم هاتفه!
يا ساتر!
البنت لما شافتني عيونها لمعت كأنها شافت الفارس اللي جاي على فرس بيضاء (رغم إني كنت لابس شبشب مقطوع ومغسّل شعري بشامبو صابون لوكس مبشور).
استجمعت قواي، ووقفت قدّامه وقلت له: — “هيه! احترم نفسك، هذه من حارتنا!”
ابتسم الشاب باستهزاء، وقال: — “روح العب بعيد يا صغير، قبل لا أكسرلك لعبتك!”
طبعًا أنا ما كنت ماسك لعبة، كنت ماسك البيبسي، لكنه فعلاً كسرني… مو حرفيًا، بس غلبني!
مد لي دفّة صغيرة، يمكن ما توجع، لكن كبريائي انكسر مثل بيالة شاي وقعت من فوق السطح.
رجعت الحارة ووجهي مثل وجه اللاعبين الخسرانين في آخر دقيقة. اجتمعنا أنا والشباب خلف دكان العم خميس، وبدأنا نخطط للانتقام.
قررنا نسوي “تحالف عسكري”، وكأننا في الأمم المتحدة.
أرسلنا وفد إلى شباب الحارة المجاورة، وكانوا أقوياء ولهم هيبة… خاصة “احمد من حارة بورهاوز”!
عرضنا عليهم التحالف، وقلنا لهم:
— “أي اعتداء عليكم هو اعتداء علينا، وأي بنت في حارتنا هي أخت لكم!”
وافقوا، وبدأت مرحلة الإعداد للمعركة الكبرى!
في اليوم التالي، صارت “معركة بورهاوز”، وواجهنا الحارة المعتدية بكل حزم…
صحيح إحنا كنا نلبس نعال ونستخدم كرات قماش، لكن النية كانت نية أبطال.
انتهت المعركة بانتصار ساحق!
هزمنا الشاب المتغطرس، وهرب، وصارت سمعتنا توصل لأطراف الحارات المجاورة.
ومن يومها، صار معروف: “لا أحد يقرب من فتيات حارتنا، وإلا… فـ بورهاوز قادم!”
كنا أطفال، نعم… لكنّا كنا أطفالًا محترمين، نؤمن بالفزعة والشهامة، ونفهم أن البنات هنّ أخوات، وحارتنا أغلى من قصور الدنيا