ذكريات الولد الشقي…نبوءة السيدة الغريبة


فايل المطاعنى
هناك لحظات في الطفولة تمرّ بنا كأنها مجرد مشاهد عابرة، لكنها مع مرور السنين تستيقظ في ذاكرتنا كأنها كانت تنبؤًا خفيًا لما نحن عليه الآن. لا نُدرك حينها أنها ستشكّل منعطفًا داخليًا في وعينا، لكنها تفعل… وتبقى.
منذ نعومة أظافري، وأنا أحلم أن أكون شخصية مميزة، مشهورة، تُعرف بين الناس. لم أكن أملك دليلًا على ذلك، ولم أدّعِ علم الغيب، ولكن داخلي كان يهمس لي بأن هناك شيئًا ينتظرني… شيئًا مختلفًا.
وفي أحد الأيام، وقعت حادثة غريبة تركت أثرًا عميقًا في نفسي، حتى ظننت أنها لحظة المفترق التي تؤكد ما كنت أشعر به.
كانت لدينا جارة غريبة الأطوار، قيل إنها اختفت لفترة طويلة، وأنها سافرت إلى الهند أو ربما إلى إفريقيا لتتعلم التبصير وعلوم الفلك.
كنت وقتها في مرحلة أبدأ فيها باكتشاف العالم، وتتولد لدي قناعات بأن الإنسان خُلق لغاية، ولم يُخلق عبثًا.
وفي أحد الأيام، كنت في البيت حين جاءت تلك الجارة وجلست مع والدتي، تتحدثان عن شؤون الحياة كعادة النساء.
دخلت وسلمت عليها بأدب، وإذا بها تمسك يدي فجأة وتنظر في عيني مطولًا، ثم قالت بصوت غامض:
في منتصف عمرك، ستكون شخصية مشهورة.
نظرت إليها بلا مبالاة وقلت: شكرًا.
لكنها شدّت على يدي بكلتا يديها، وقالت: لا، لا تصدقني، أليس كذلك؟ يا بُني… بيننا الأيام.
لم أُعر الأمر اهتمامًا كبيرًا في تلك اللحظة، ولكن شيئًا ما بقي عالقًا في داخلي، مثل نداء بعيد لا أستطيع تفسيره.
والآن، ومع مرور السنوات، أعود لأتساءل: هل كانت تلك السيدة على حق؟
وهل كان ما رأته فيّ مجرد صدفة… أم نبوءة تنتظر تحققها بصمت؟
الخاتمة:
الحياة مليئة بلحظات صغيرة تُشعل فينا شرارة الإيمان بأننا وُجدنا لهدف.
ربما لا نرى الطريق بوضوح، وربما نتعثر في محطات كثيرة…
لكن تظل هناك كلمات، ونظرات، ومواقف، تقودنا دون أن نشعر.
وما زلت، حتى اليوم، أتذكّر تلك القبضة على يدي… وكأنها كانت توقظ فيّ شيئًا نائمًا.
مع خالص مودتي،
الولد الشقي.