طريق النجاح يبدأ من الداخل.


صالح بن سعيد الحمداني
تُعد الشخصية هي البصمة الفريدة لكل إنسان فهي ليست مجرد سلوك أو مظهر خارجي بل هي مزيج من المبادئ والقيم والتجارب التي يمر بها الإنسان، والقدرة على التفاعل مع الآخرين والتأثير فيهم وعليهم، وإن بناء الشخصية ليس ترفًا بل هو أساس لا غنى عنه في رحلة الإنسان نحو النجاح والتميّز والإبداع، شخصية قوية ومتزنة وواعية تُشكّل السلاح الأول في مواجهة تقلبات الحياة وتحقيق الأهداف وصنع الفرق في المجتمع.
بالتحفيز والإصرار من هنا يبدأ التميّز، فالشخصية المتزنة تمنح صاحبها قدرة هائلة على التحفيز الذاتي والإصرار في وجه المصاعب، فالحياة بطبيعتها مليئة بالتحديات ومن لا يمتلك شخصية صلبة تنهار عزيمته أمام أول عقبة، بينما وبالمقابل إن من يمتلك شخصية ناضجة يستطيع أن يُحوّل كل تحدٍ إلى فرصة وكل فرصة لنجاح حقيقي وبصمة فخر في حياته، ويحول كل إخفاق إلى درس ويستمر في المسير حتى يصل إلى ما يصبو إليه، فالشخصية ليست مجرد مزاج أو صفات فطرية بل هي نتاج بناء مستمر وتطوير متواصل للذات يرتكز على الإصرار والمثابرة والقدرة على تجاوز الفشل دون أن يفقد المرء حماسه.
القيادة والتأثير… من سمات الشخصية المؤثرة وبوابة التأثير في الآخرين، فليس كل من يشغل منصبًا قائدًا حقيقيًا، ولكن كل قائد مؤثر يحمل في داخله شخصية قوية وملهمة، فالشخصية القوية تُكسب صاحبها احترام الآخرين وتجعله نموذجًا يُحتذى به، عندما تكون شخصًا متزنًا صادقًا مع نفسك ومع غيرك ستجذب من حولك دون أن تبذل جهدًا كبيرًا في الإقناع، التأثير لا يحتاج صراخًا أو أوامر بل يحتاج مثالًا يُحتذى، وسلوكًا يُحترم ومبادئ لا تتغير بتغير الظروف.
تحقيق الأهداف يبدء من البناء الداخلي أولًا، فالشخصية الواضحة التي تعرف ماذا تريد وتدرك الطريق الذي يجب أن تسلكه، هي وحدها القادرة على تحقيق الأهداف. فقبل أن تبدأ بأي خطوة نحو النجاح لا بد أن تُحدد من أنت، وماذا تريد، وما الذي تؤمن به، لأن هناك كثيرون يحلمون بالقمة، لكن القليل فقط يملكون القدرة على الثبات فيها والسبب أن النجاح ليس مجرد وصول، بل قدرة على الاستمرار، ومن لا يبني شخصيته على أسس قوية، تنهار أهدافه في منتصف الطريق.
القدوة في الحياة أمرا مهما… ودور المُلهم في تشكيل الذات له من الإيجاب كثيرا، والشفافية والصراحة والثقة والإيمان بكل مقومات النجاح امورا مهمة جدا، نعم وجود قدوة في الحياة يُعد عنصرًا مهمًا في بناء الشخصية فالأشخاص الذين يمنحوننا الثقة والإلهام يُمثلون جسورًا نعبر بها من مرحلة الحيرة إلى الوضوح، هؤلاء لا يحملوننا على أكتافهم بل يمسكون بأيدينا، يضيئون لنا الطريق ويُذكروننا بأن في داخلنا نورًا قد لا نراه أحيانًا، من خلالهم نتعلم أن الصعاب ليست نهاية بل بداية لقصة مختلفة تُكتب بإرادتنا.
الحياة لا تخلو من الأحجار والعثرات ولكن العبرة ليست بها بل بكيفية التعامل معها، هناك من يجمع تلك الحجارة ليبني منها جدارًا يحتمي خلفه وهناك من يبني بها جسرًا يعبر به نحو الأمل، الشخصية الواعية هي التي تدرك أن الظلام لا يعني عدم وجود النور بل يعني فقط أن النور مؤقتًا بعيد عن الأنظار، هؤلاء الذين يملكون شخصية متماسكة هم من يرفضون الاستسلام لما يسمّيه الناس “المستحيل”، ويؤمنون بأن الطريق إلى النجاح يبدأ من الداخل، هناك من يهتم ببناء جسر من الأشواك والحجارة إلى جزيرة الأمل للنجاح.
لكل إنسان مجموعة من المبادئ والقيم التي تُشكّل شخصيته ولكن أحيانًا، تتحوّل بعض هذه المبادئ إلى قيود تمنعه من التقدّم خصوصًا إذا لم يُراجعها ويعيد صياغتها بما يتناسب مع أهدافه وتطوره، لذا من الأهمية أن نقف مع أنفسنا نُراجع معتقداتنا ونُعيد تشكيلها لتكون أدوات مساعدة لا عوائق تُبطئ الخطى.
ومن أهم ما يُميز الشخصية الناجحة هو قدرتها على اتخاذ القرار والتحرك الفوري، فالتسويف هو عدو النجاح وكل لحظة تأجيل هي فرصة ضائعة فلا تنتظر الغد، ولا تُعلّق طموحك على مزاج أو ظرف، ومن قال “لا أقدر” حكم على نفسه بالجمود، ومن قال “سأبدأ الآن” وضع قدمه على أول درجة في سلم النجاح.
هناك حولنا نماذج من الحياة للنجاح والابداع والتميز، من البداية انطلقوا ومن الصفر صنعوا مجدا وبناءً يفخروا به، نعم قصص النجاح من حولنا كثيرة وغالبيتها بدأت من الصفر لا مال لا علاقات لا شهرة… فقط شخصية مؤمنة وملهمة تعرف طريقها. بعضهم توقف لوهلة ليُراجع نفسه، ثم عاد وانطلق بأقوى مما كان، وبعضهم تراجع للأبد، الفرق لم يكن في الظروف بل في الشخصية، شخصية واحدة قد تصنع المعجزات وأخرى قد تُضيّع الفرص.
في نهاية المطاف، يمكن القول إن بناء الشخصية ليس خيارًا بل ضرورة، من أراد النجاح عليه أن يبدأ من داخله أن يُنقّي نفسه من السلبية ويُسلّح ذاته بالإصرار، ويتجه نحو أهدافه بثبات الشخصية القوية لا تُصنع في الراحة بل في لحظات التحدي، وكلما اشتد الظلام ازداد بريق من يملك شخصية تعرف طريق النور، قرر فكر حدد هدفك تسلح بالإيمان بفكرتك انطلق بلا تردد ولا تسويف قبل ان يفوتك القطار.