تجنب الغضب أو الاتهام المباشر لكي تقاوم كذب طفلك ؟


شيخة الدريبي
الكذب سلوك شائع لدى الأطفال، لكنه يختلف في دوافعه وطريقة التعامل معه حسب العمر. بينما قد يكون الكذب عند الصغار نتيجة للخيال أو الخوف، يمكن أن يصبح عند المراهقين وسيلة لتجنب المشاكل أو الحفاظ على الاستقلالية. الفهم الصحيح لهذه المراحل ويساعد الآباء في تقويم السلوك دون كسر الثقة بينهم وبين أطفالهم.فمن الطبيعي أن يكذب الأطفال في بعض الأحيان، ويعتبر ذلك جزءًا من مراحل تطورهم الإدراكي. فقد أظهرت دراسة نُشرت في الجمعية الأميركية لعلم النفس أن الأطفال يبدؤون في الكذب عند بلوغهم (42) شهرا، وأن هذا السلوك قد يزداد مع تطور قدراتهم المعرفية. جميع الأطفال يكذبون وهذا سلوك شائع وطبيعي لكن ذلك لا يعني أن يجب على الآباء تجاهل الكذب لابد ان نعلمهم الصواب والخطأ وغرس الصدق لدى الأطفال واستغلال الوقت في كل اللحظات لتعليم الأطفال الصدق والنزاهة. وللتعامل مع هذا السلوك بشكل فعّال، من الضروري فهم دوافع الكذب في كل مرحلة عمرية. واتباع الطرق التربوية المناسبة لتعزيز قيمة الصدق وبناء الثقة بينك وبين طفلك ..
لذا في مرحلة ما قبل المدرسة، لا يُعتبر الكذب سلوكا مقصودا من الطفل، بل هو نتيجة طبيعية لخياله الواسع وصعوبة تمييزه بين الواقع والتمني. قد ينكر الطفل في هذا العمر كسر لعبة لأنه يتمنى ألا تكون قد تحطمت، أو يختلق قصة خيالية مثل وحش أسقط الحليب لتجنب إثارة غضب الأهل. في هذه المرحلة، لا يزال الطفل غير ناضج إدراكيًا بما يكفي لفهم أن ما يتمناه لا يصبح حقيقة. ما يبدو لنا كذب هو في الغالب تعبير بريء عن رغبته في تجنب الإحباط أو المشاعر السلبية.
لمعالجة الكذب، فمن المهم فهم دوافع الطفل بدلا من التركيز فقط على الفعل نفسه وعند مواجهة الكذب، تجنب الغضب أو الاتهام المباشر، حيث هذا يؤدي إلى دفع الطفل لمزيد من الكذب. تفاعل معه بهدوء وركّز على الموقف، مثل قولك أرى أن الحليب مسكوب، قم لكي ننظفه معًا إذا قص الطفل قصة خيالية، اسأله بهدوء هل هذه القصة حقيقية أم خيالية؟. لا تعاقبه على الكذب العرضي، بل استخدمه كفرصة للتعليم.وعبّر عن تقديرك له بقولك (شكرًا لصدقك) فهذا يعزز ثقته بك فالأطفال في سن 5 إلى 7 سنوات يفهم العواقب وفي سنوات الدراسة الأولى، يبدأ الأطفال في استخدام الكذب كوسيلة لتجنب المسؤولية أو العقاب، أو لتحقيق رغباتهم مثل تأخير النوم، أو إرضائك خوفا من خيبة أملك ..
فلا بد لنا عند معالجة الكذب، فهم دوافع الطفل بدلا من التركيز فقط على الفعل نفسه. اسأل نفسك هل ردود فعلي قاسية؟ هل توقعاتي مرتفعة؟ قد يكذب الطفل خوفًا من العقاب أو خيبة الأمل. طمئنه بأن مشاعره مفهومة، وذكّره بأن الجميع يخطئ، وأن الصدق هو الأفضل حتى في المواقف الصعبة. وتجنب الاستجواب أو نصب المصائد، واستخدم أسلوبًا محايدًا وتوجيهيًا يمكننا إصلاح الموقف به وعلّمه عواقب الكذب من خلال قصص وأمثلة، وكن معلما لا حاكما.وفي عمر( ٨-١٢ ) يصبح الكذب أكثر تعمدا، ويتعمد إخفاء المعلومات أو تحريفها، كعدم وجود واجبات مدرسية تزداد أهمية الأصدقاء والمكانة الاجتماعية، وقد يلجأ الطفل للكذب للإثارة وإلاعجاب أو ليشعر بالقبول والانتماء. كما يمكن أن يستخدم الكذب لحماية خصوصيته أو لتأكيد على الاستقلاليه، خاصة عندما يدرك أن بعض الأفعال قد تُقابل بالرفض أو العقاب..
لذا يجب التقليل من الكذب، وتجنب السخرية وكن هادئًا لتشجيع طفلك على قول الحقيقة. قدّر صدقه ومرّ عليه دون مبالغة. إذا كذب أمام أصدقائه، لا تُحرجه، بل تحدث معه لاحقًا بهدوء وأكد له أن الصدق يكسب احترام الآخرين. تجنب المراقبة المفرطة، لأنها قد تدفعه للكذب ولحماية خصوصيته. لًا بد من توفير بيئة حوار منفتحة، ويشرح فيها إن الصدق دائمًا مقبول، بينما الكذب يعقّد الأمور. ضع حدودًا واضحة للتعامل مع الكذب عند الأطفال، من المهم أن تكون قدوة حسنة لأن الأطفال يكتسبون سلوكهم من الاهل كن صادقًا في مواقفك اليومية وابدأ بتعزيز الصدق من خلال مدح طفلك عندما يقول الحقيقة، خاصة في المواقف الصعبة، مما يعزز ثقته بنفسه.وتجنب العقوبات القاسية التي قد تدفعه للكذب خوفًا، وبدلاً من ذلك، استخدم الحوار لفهم الدوافع وتصحيح السلوك. اعرف سبب الكذب، سواء كان بدافع الخوف أو لجذب الانتباه، وواجهه بلطف. استخدم القصص لتعليم القيم ووفّر بيئة حوار مفتوحة. وإذا استمر الكذب بشكل مقلق، لا تتردد في استشارة مختص نفسي.الكذب هو مرحلة طبيعية في النمو، ولكن التعامل الذكي يجعله مؤقتًا. المفتاح هو فهم الدوافع، تعزيز الثقة، وتقليل الحاجة إلى الكذب منذ البداية. عندما يشعر الطفل بالأمان والاحترام، سيكتشف أن الصدق هو الخيار الأفضل …