ذكريات الولد الشقي..العيدية


فايل المطاعنى
كل سنة أقول لنفسي: “هالسنة ما بضيع فلوس العيدية!”
بس كالعادة… الشقاوة تغلب، والعقل يطير!
كان صباح اليوم الخامس بعد العيد، والناس رجعت لحياتها الطبيعية… إلا أنا. كنت ما زلت أعيش جو العيد، وأفكر في مصير أعظم ثروة جمعتها في حياتي: عيديتي.
جلست أحسبها كأنها ميزانية دولة: خمسة ريالات من خالي، ريالين من عمتي، ثلاث ريالات من جارنا اللي دوم نزعجه… صار المجموع عشرة ريالات وربع. ثروة قوم، يا صديقي!
لكن هذه السنة، قررت أكون ذكي. ما أبغي أضيعها على حلويات و”بوب كورن” و”شيبس” مثل كل مرة.
لا لا… هذه السنة، الولد الشقي قرر يفتح مشروع رحت السوق الشعبي، واشتريت صندوق عصير بنصف السعر من المحل اللي دوم فيه عروض. حملته للبيت وأنا أحلم أكون أصغر تاجر في الحارة. جهّزت طاولة صغيرة عند باب البيت، وعلّقت لوحة كتب فيها: “محل الشقي – العصير بخمسين بيسة… وعليها ابتسامة ببلاش!”
في البداية، جاء أول زبون… جارنا أبو ناصر. اشترى علبة وقال: “زين والله، صرت تاجر؟ بكرة تفتح فرع ثاني في دبي؟”
ضحكت وأنا أعطيه باقي المبلغ.
جاء ثاني وثالث، والمشروع بدأ يشتغل… لين دخل علينا سالم المزعج، اللي دوم يخرب كل شيء.
قال: “ليش تبيع العصير بريال؟ أنا أبيع بنص ريال!”
وطلع ورانا بكرتون عصير مسروق من بيتهم.
بدأت المنافسة، وتحولت الحارة إلى سوق مفتوح! أنا وسالم كل واحد يصارخ:
“عصيري بارد أكثر!”
“عصيري أرخص!”
“عصيري ما يسبب مغص!”
والعيال يتجمعون يضحكون، والبنات يراقبونا من بعيد كأننا في مسلسل درامي.
طبعًا المشروع ما كمل ساعة… لأن القطوة السوداء قررت تزور طاولتي وتقلب العصير كله!
وجت أمي تصرخ: “وش هذا؟ حوّلت بيتنا لمحل عصير؟!”
وهكذا… أغلِق الفرع الأول من “محل الشقي”، وتمت مصادرة رأس المال من قِبل “الجهات العليا” – أمي
جلست في الليل، أضحك وأنا أعد باقي العيدية… سبعين بيسة، وكرتونة فارغة، وسمعة تاجر فاشل.
بس على الأقل… جربت، وهذا هو المهم، صح؟
العيد انتهى… لكن ذكريات الشقاوة تعيش للأبد.