Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الأدب والشعر

بيجي

سيد جعيتم .. جمهورية مصر العربية

سيد جعيتم .. جمهورية مصر العربية

استيقظت مذعورة على صوت فتح باب الكوخ بعنف، سرعان ما استوعبت الأمر، فهذا هو مسلك السيد الصغير (روبرت) كلما أتى، يركل الباب بقدمه. تنتظر أن يأمرها بالوقوف:

– انهضي أيتها الفاجرة.

نهضت دون أن تنبس ببنت شفة، لطمها على وجهها.

بيجي تعلمت الطقوس التي يحبها روبرت تفعلها حتى لا تطول معاناتها وفترة تعذيبها، تظاهرت بمقاومته حتى ترضي غروره عندما تستسلم له وتبدو منهزمة.

أمسك بشعرها المجعد، وألقاها بعنف على سريرها، كالثور الهائج انقضّ عليها بعنف واغتصبها، زكم أنفها رائحته الكريهة المختلطة برائحة الخمر، بينما رسمت بدموعها ابتسامة على وجهها الأبنوسي.

لا ينسي روبرت بعد انتهاء حفل الاغتصاب، أن يركلها بقدمه بعنف ويبصق عليها. تعلم أن زيارته لها هي الأخيرة؛ فبعد يومين سيتزوج فتاة جميلة من علية القوم…

تعمل بيجي بنصيحة أكبر النساء من العبيد سنًا: ـ هذا قدرنا، ولا مهرب منه، تتعرض له كل الإماء بلا استثناء، لقد اغتصبني السيد الكبير عدة مرات، بل وقدمني لأصدقائه، المصيبة أن السيدة الكبيرة بدلاً من أن تلومه كانت تنتقم مني أنا! فتأمر بتقييدي ثم تقوم بضربي بالكرباج حتى تسيل دمائي، لذا كوني مع السيد روبرت كفرسة مستكينة حتى تنجي من العذاب.

مع بزوغ نور النهار، بدأت بيجي عملها اليومي في تنظيف البيت، ثم أعدت الإفطار وأيقظت السيدة الكبيرة التي لم تسأل عن سبب الكدمات التي تظهر على جسدها، بل بدت سعيدة؛ فمن إصاباتها تعلم أن ابنها روبرت قد زارها، وأن زيارة ابنها لها تكريم لا تستحقه، فليس هناك إنسانية للعبيد، ومن أجل زيارات ابنها، أمرت بوضع سرير في كوخ بيجي.

تشعر بيجي بالتميز، فهي أجمل خادمات البيت، ومنذ ظهور بوادر الأنوثة عليها، خصصتها السيدة الكبيرة لابنها السيد روبرت، فلا أحد يجرؤ على لمسها.

في الليلة التالية، دخلت كوخها منهكةً، وفور فتحها الباب رأت الفئران تفرّ إلى جحورها، تعجبت من شعورها؛ فقد تمنت أن يركل السيد الصغير الباب ويدخل إليها! فهي تعلم أنه بعد زفافه سينصرف عنها.

كعادتها، تنظر في سقف الكوخ المهترئ، حفظت كل تفصيلة فيه، سرحت بذاكرتها إلى عشر سنوات مضت، حين كانت أمها تحتضنها وتمشط لها شعرها، بينما كان والدها ضاحكًا يقول:

– يا فاطمة، حجزت لك في مدرسة بمدينة سانت لويس لتستكملي هناك تعليمك.

تتحدث فاطمة لغة الولوف المحلية، وتحفظ بعض الكلمات الفرنسية، وتعرف نطق بسم الله الرحمن الرحيم باللغة العربية.

خرجت تتجول في الأدغال المحيطة بمنزلهم بحرية، تستنشق بعمق نسيم الهواء العليل، يطربها صوت الطيور وهي تغرد، وتشعر بالأمان مع زئير الحيوانات المفترسة.

قفزت لذاكرتها الأيادي الخشنة لرجال عصابات الإتجار بالرقيق من الهولنديين الذين هجموا عليها بوحشية واختطفوها وهي في عمر عشر سنوات، اقتلعوها كما تقتلع الشجرة من جذورها، قضت أيامًا طويلة وهي مع كثير من العبيد رجالًا ونساءً، محبوسين في قبو السفينة التي ستنقلهم، يُلقى إليهم الطعام والماء من فتحة في سقف القبو، ويسعد الخاطفون وهم يشاهدون تقاتلهم من أجل الفوز بكسرة خبز أو جرعة ماء.

وصلت سفينة العبيد التي كانت بيجي ضمن ركابها إلى مرفأ بوسطن على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

أخرجوهم من القبو عراةً مُكبَّلين بالأغلال الحديدية… استعرضهم التاجر الأمريكي، وألهب ظهورهم بالكرباج حتى لا يجرؤ أحد على رفع رأسه، تأفف من رائحتهم وأمر برشهم بالماء.

وقفت بجسدها الصغير بين رفيقاتها تحاول اخفائه، يعرضهم التاجر كسلعة فوق منصة العبودية، يقلب المشترين في جسدها، فهي سلعة لا تمت للإنسانية بصلة، اشتراها السيد الكبير وأطلق عليها اسم بيجي.

في الصباح، رافقت سيدتها للذهاب إلى الكنيسة للتحضير لمراسم زواج نجلها، عند الباب توقفت؛ فقد كان ممنوعاً دخول السود.

بيجي تُخدّم الحضور في زفاف السيد روبرت على عروسه الفائقة الجمال، يجتاحها شعور متخبط في صدرها! عادت إلى كوخها واستلقت على سريرها، مغمضة عينيها تجتر الأحداث…

فتح باب الكوخ بعنف على مصراعيه، ودخل روبرت، تهللت أساريرها، شعرت بالانتصار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى