النسيان ..كيف لنا أن نقوي الذاكرة


شيخة الدريبي
يعاني الكثير من الناس من مشاكل ضعف الذاكرة، وكثرة حالات النسيان مع قلّة التركيز، وعدم الانتباه على أعمالهم ومهماتهم، وللأسف لقد أصبحت مشكلة النسيان متكرّرة لدرجة أنّ البعض ينسى أين وضع مفتاح سيارته، أو مفتاح منزله، وقد ينسى ما كان يود القيام به منذ لحظات، أو قد يترك موقد البوتاجاز مشتعلًا، والنسيان هو حالة من الفقدان الظاهري، أو تحويرللمعلومات المخزنة في الذاكرة ففي خلال محاولة استرجاعها، يحدث النسيان بشكل فجائي، أو بشكل تدريجي.والنسيان هو عجز الفرد عن استعادة واسترجاع المعلومات، والأفكار، والخبرات التي سبق أن تعلمها خلال حياته، أو هو الفقدان التدريجي لما سبق أن تعلمه الفرد من معلومات وخبرات.وانتشرت ظاهرة النسيان وشغلت اهتمام علماء علم النفس منذ سنين طويلة في محاولة منهم لفهم طبيعة النسيان، والعوامل التي تؤدي إلى حدوثه ويوضح الطب أنّ أي عضلة في جسم الإنسان لا تستعمل أو لا يتم تحريكها مع الوقت ستفقد مرونتها، وستتعرّض للضعف والضمور، لهذا فالتوقف عن استخدام وتكرار المعلومات، والمهارات، والخبرات التي اكتسبناها في مرحلة ما من حياتنا، سيؤدي حتمًا مع الوقت إلى نسيانها، وستتلاشى من الذاكرة، وسيمحى أثرها من تلافيف الدماغ، وبالتالي تصبح عرضة للنسيان كذلك الكبت يعرف بأنه عملية غير شعورية تستبعد فيها الأنا الذكريات المؤلمة، والمثيرة للقلق، والرغبات المستكرهة من مستوى الوعي إلى مستوى اللا وعي (العقل الباطن) لأن بقائها سيسبب للشخص المزيد من الأحزان والآلام، لذا يفضل أن ينساها الشخص أو يتناساها بصورةا المتعمدة ..
كذلك تعتبر نظرية التداخل من أقدم النظريات التي تحدثت عن حالات النسيان، كما أن هناك مئات الدراسات والأبحاث المتعلقة بها، حيث ترى هذه النظرية أن النسيان يحدث عندما تتشابه أو تتداخل المعلومات والمواضيع، مثل لو أعطينا شخص ما رقمًا تلفونيًا وطلبنا منه أن يطلب الرقم على التلفون لكن قبل أن يفعل ذلك أعطيناه رقمًا آخر فإنه لن يتذكر الرقم الأول، أما إذا أعطيناه الرقم ثم تلونا عليه عدد من الحروف فإن كمية النسيان ستكون أقل.فنسيان الثلاث أنواع هي النسيان السلبي، النسيان الإيجابي، والنسيان المشترك. فالنسيان السلبي تكون في العادات الشخص اليومية، وعدم تركيز الانتباه على حفظ المعلومات والتفاصيل وعدم استقرار المعلومات المكتسبة في الذاكرة أما النسيان الإيجابي يكون خارج عن إرادة الشخص، حيث يحدث لأسباب وظروف موضوعية خاصة حيث ينسى الشخص بعض الأمور بشكل تلقائي، وهذا النسيان من مظاهر الرحمة الإلهية على الإنسان.والنسيان المشترك يطلق عليه اسم التناسي فهذا النوع يتظاهر الإنسان عمدًا بالنسيان لكنه في الحقيقة يتناسى الأمر، والفرق واضح بين أن ينسى الشخص بشكل تلقائي أو لعدم التركيز والانتباه، وبين أن يتناسى الأمر رغم أن الصورة عنده حاضرة..
تتلقى أدمغتنا في اليوم الواحدكم كبير من المعلومات ما يجعل الذاكرة مثقلة بمعلومات وتفاصيل غير مفيدة، وقد أظهرت آخر الدراسات العلمية أن الذاكرة البشرية تتخلص بشكل تلقائي من التفاصيل غير الضرورية ليتم التركيز على المعلومات الأساسية فقط، ولذلك ننسى بعض الأمور ونتذكر بعضها الآخر.فالعلاج أن نحرص على التركيز فقط على المعلومات المهمةونتجاهل التفاصيل والأمور غير المهمة، فهذا سيساعد على تخزين المعلومات في الذاكرة كما أن الكثير من الناس يجهلون التأثير السلبي للحرمان من النوم على نشاط الدماغ وقوة الذاكرة فالأشخاص الذين لايحصلون على كفايتهم من النوم هم أكثر عرضة للإصابة بالنسيان لأن الدماغ أثناء النوم يقوم بمعالجة المعلومات التي يتلقاها أثناء اليقظة، ثم يقوم بنقلها للذاكرة البعيدة، ولذلك الحرمان من النوم يسبب النسيان لذا احرص على أخذ قسط كافي من النوم العميق ليلًا، أي النوم ما لا يقل عن 8 ساعات يوميًا، وأخذ قيلولة خلال الظهيرة لمدة نصف ساعة، سيجدّد هذا نشاط الدماغ، وسيقوي الذاكرة.كما أن الشعور الدائم بالتوتر، والقلق، والعصبية، والغضب يتسبب في تراكم هرمون الكورتيزون في مراكز التعلم في الدماغ ما يؤدي إلى حدوث خللً في التركيز الذهني، وتشتيت الانتباه، وضعف تخزين المعلومات التي يتم اكتسابها حديثًا، وصعوبة استعادة الذكريات القديمة، فتكثر حالات التعرض للنسيان فيجب أن نبتعد عن كل مصادر التوتر بقدر الإمكان، ونحاول أن ننفس على انفسنا من الشحنات السلبية التي بداخلنا من خلال ممارسة الرياضه والمشي ..