لغز مقتل محمد آل عيسى..الجزء السابع


زينة سليم سالم البلوشي
وصل المحقق “علي الأنصاري” مع عناصر الشرطة إلى قصر “آل عيسى” مرة أخرى كانت الأجواء مشحونة بالتوتر كما لو أن الهواء نفسه كان يعج بالشكوك الجميع كان يتوقع أن يكشف شيء جديد شيء قد يقلب موازين القضية تماما ويقودهم أخيرا إلى القاتل كانت الأشجار حول القصر تتحرك ببطء تحت تأثير الرياح الباردة وتلك الأصوات الموحشة تضاف إلى شعور القلق الذي كان يلتف حول الجميع
بدأ المحقق على الفور في تمثيل الجريمة و طلب من “عصام” أن يقف أمام المكتب ويعيد تمثيل آخر لحظات له مع والده ارتجف “عصام” قليلا قبل أن يبدأ في الحديث وقفت عيناه في فراغ لثوان كأنه يعيد اللحظات في ذهنه قال كان والدي في المكتب و كنت أتحدث معه عن العمل وكان يبدو سعيدا جدا ومتفائلا وكنت احكي له عن بعض الخطط المستقبلية كان صوت “عصام” يفتقر إلى الثقة وهو يروي ما حدث وكأن هناك شيئا ما يثقل قلبه
ثم أشار المحقق إلى الكوب على الطاولة الكوب الذي كان قد أشار إليه في التحقيقات الأولى سأل “عصام” ببرود هل لاحظت شيئا غريبا في الكوب؟ أجاب “عصام” بسرعة لا لا أعتقد كان يبدو طبيعيا ولكن هناك في عيني المحقق كان هنالك شيء يلمع شعور غريب بأن هناك جزءا مفقودا في رواية “عصام” شيئا لم يقله كان يراقب كل حركة من حركاته وكل حرف يلفظه كان المحقق يعلم أن هناك تفاصيل تخفى
ثم انتقل المحقق إلى “مريم” الخادمة وأمرها أن تعيد تمثيل الأحداث كما رآتها في صباح اليوم التالي بدأت “مريم” في الحديث بصوت منخفض وكأن الكلمات كانت تتسرب بصعوبة من شفتيها قالت عندما حاولت الدخول إلى غرفة مكتب السيد محمد لم أستطع كان الباب مغلقا بإحكام وشعرت بشيء غريب و شممت رائحة دخان و شعرت بالقلق فركت يدي وأنا أطرق الباب مرارا ولكن لا إجابة لكن ما لفت انتباه المحقق هو ارتباكها الشديد عيونها الزائغة والخوف الظاهر في كلامها كانت هناك تلميحات من التوتر في نبرتها وكأنها تخفي شيئا أكبر كان المحقق يشعر بأن هناك غموضا في ردودها شيء ما يتجاهل عميقا في داخلها
ثم انتقل المحقق إلى “سيف” الحارس وسأله بلطف ظاهر هل لاحظت أي شيء غير عادي تلك الليلة؟ رد “سيف” ببساطة لا شيء لم ألاحظ أي شيء غريب كانت إجابته سريعة غير متأثرة بأي تردد مما جعل المحقق يشكك في صدق كلامه كان الحارس يبدو هادئا جدا وكأن كل شيء كان على ما يرام بالنسبة له ولكن هناك في عينيه كان هنالك شيء ما مختبئ
ثم جاء دور “أفلح الرحماني” المساعد الشخصي للضحية لم يكن “أفلح” كما هو المعتاد بدأ متوترا جدا أيديه ترتجف وكلماته تتردد بشكل غير طبيعي سأل المحقق كيف كانت علاقتك بالضحية؟ وعندما بدأ “أفلح” بالحديث كان لسانه يتلعثم بشكل ملحوظ كان يحاول الهروب من عين المحقق يتجنب النظر في وجهه كانت علامات الخوف تظهر على وجهه وقد شعر المحقق بأن هناك سرا كان يختبئ وراء تلك اللامبالاة الظاهرة
في ختام تمثيل الجريمة قرر المحقق أن يجمع جميع أفراد الأسرة في غرفة واحدة كان هدفه أن يراقب تفاعلاتهم لعل شيء غير متوقع يظهر منهم بدأ يطرح الأسئلة ولكن كان يتابع حركاتهم بعناية شديدة يراقب كل نظرة كل تغير في تعابير وجوههم بدأ يلاحظ أن “سعاد” كانت تتجنب النظر إلى “عصام” بل كانت عيونها تبتعد عنه كأن هناك حاجزا غير مرئي بينهما أما “ناصر” فقد كان يبدو مرتبكا جدا يتحدث بسرعة واضحة وكأن كلمات معقدة تشق طريقها من بين شفتيه قبل أن يلتقط أنفاسه
كل حركة كل كلمة كل لحظة كانت مشحونة بالإثارة والشكوك المحقق كان يراقب عن كثب يدرس وجوههم وكأنهم جميعا قطع شطرنج على لوحة كبيرة وكل خطوة قد تكون علامة جديدة على القاتل “عصام” كان يحاول أن يبدو هادئا لكنه لم يستطع إخفاء القلق في عينيه “سعاد” كانت تحاول أن تبقي نفسها بعيدة عن الأنظار بينما “ناصر” كان يسرع في الكلام وكأن كل ثانية تمثل خطرا عليه
مع نهاية الجلسة شعر المحقق أنه قريب جدا من اكتشاف الحقيقة كان لديه شعور قوي بأن “سعاد” و”أفلح” يحملان سرا مشتركا وأنهما يعرفان شيئا لم يكشفا عنه بعد كانت هناك إشارات كثيرة تشير إليهما لكن لم يكن لديه بعد الأدلة الحاسمة قرر أن يركز عليهما أكثر وأن يواجه كل واحد منهما بشكل منفصل لعل هذه المرة يكشف شيء جديد شيء كان يخفيه أحدهم في الظل.
يتبع……