لغز مقتل محمد آل عيسى..الجزء السادس


زينة سليم سالم البلوشي
قراءة الملاحظات لمحاولة كشف الخيوط الأولى
وصل المحقق “علي الأنصاري” إلى مركز الشرطة بعد يوم طويل من التحقيقات التي لم تثمر عن أي تقدم يذكر تجهم وجهه فكلما غاص أكثر في تفاصيل القضية كلما زادت الأسئلة وتعقدت الإجابات
مشى بخطى ثابتة نحو مكتبه وتوجه مباشرة إلى كرسيه الجلدي العتيق الذي أعد خصيصا له منذ سنوات ولكنه لم يشعر بالراحة عليه كما كان من قبل جلس ببطء وأخذ نفسا عميقا قبل أن يفتح دفتر ملاحظاته المتهالك كانت الملاحظات التي دونها مليئة بالتفاصيل ولكنها كانت أكثر من ذلك مليئة بالفجوات
بدأ يراجع بعناية كل شيء تصريحات أفراد الأسرة و الخادمة و الحارس و المساعد الشخصي كل كلمة وكل همسة بدت وكأنها تحمل سرا مع كل مرة يقرأ فيها كان هناك شيء غامض يزداد وضوحا ولكنه كان يحتاج إلى شيء آخر ليكمل الصورة
ثم انتقل إلى تقرير الطبيب الشرعي وكانت الكلمات التي قرأها تحوم في ذهنه مثل طيف مشوش استنشق الضحية كمية كبيرة من مادة بيضاء خطيرة أدت إلى وفاته ولكن هذا التفسير كان يثير حوله تساؤلات أكثر من أي وقت مضى كيف استطاع القاتل أن يمر دون أن يكتشف؟ لا أثر لأي شخص آخر في مكتب الضحية و لا بصمات و لا خيوط و لا أدلة على أن أحدا دخل أو خرج من المكتب كان هذا مستحيلا
كيف دخل القاتل إلى المكتب دون أن يراه أحد؟ بل كيف استطاع أن يضع تلك المادة القاتلة أمام الضحية دون أن يقاوم؟ بدأ المحقق الأنصاري يشعر بشيء غريب يزحف داخل ذهنه كان كل شيء يبدو محكما للغاية ولكنه كان يعلم أن هناك شيئا غريبا في تلك الجريمة شيء ما اختفى عن نظره
في تلك اللحظة قرر العودة إلى القصر وإعادة تمثيل الجريمة كان عليه أن يركز أكثر أن يلاحظ ما فاته في المرة الأولى كان هناك خيط ما كان يراه بوضوح ولكنه غير قادر على الإمساك به بعد كان الدافع وراء هذه الجريمة يختبئ خلف ستار من التباس وقرر أن هذا هو الوقت المثالي لتجد عيناه ما خفي عنها
لكن قبل أن ينطلق شعر بالحاجة إلى لحظة هدوء كان عقله مشوشا ويحتاج إلى صفاء ليتعامل مع هذه المعضلة المعقدة قام بتجهيز كوب من الشاي الأسود جلس على مقعده في زاوية مكتبه الصغيرة وأغمض عينيه لحظة كانت تلك لحظة الترقب لحظة التأمل في كل خطوة يجب أن يتخذها حيث لا مجال للخطأ
بعد دقائق قليلة من الاسترخاء عاد المحقق إلى حالته الطبيعية ليقرر أن الوقت قد حان للمضي قدما طلب من عناصر الشرطة أن يستعدوا لمغادرة المركز استعدادا لتمثيل الجريمة في القصر وكان يبدو وكأن كل شيء يسير في اتجاه واحد نحو كشف الحقيقة نحو القاتل الذي يختبئ في الظلال
انتبهوا لكل شيء كان هذا آخر ما قاله لهم قبل أن يغادروا معا في اتجاه القصر كانت الساعة قد اقتربت من منتصف الليل وكان القمر يلوح في السماء يضيء المشهد الباهت حولهم يبدو أن كل شيء جاهز الآن للكشف عن السر الكبير الذي يحيط بمقتل محمد آل عيسى.
يتبع…..