المرأة في الإسلام


حسن بن محمد منصور دغريري
كانت المرأة قبل الإسلام مذلة مهانة ليس لها حقوق ولامكانة ؛ ويكفي من ذلك قول الله تعالى : ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) ( النحل : ٥٧ – ٥٩ ) فجاء الله بهذا الإسلام فعظمها وكرمها غاية التعظيم والتكريم ؛ سواء كانت زوجةً أو أمَّاً أو بنتاً أو أختاً أو غيرهنَّ من القريبات أو غير القريبات ؛ وجعل لهنّ حقوقاً وواجباتٍ كما عليهنَّ حقوقاً وواجبات تكريماً لهنَّ ، وتعظيماً لشأنَّهنَّ ؛ وصدق الله تعالى إذ يقول : ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا ) ( النساء : 82 ) ومن صور تكريم الله للمرأة في الإسلام ؛ أمرْها بالحجاب الشرعي ؛ وهو ستر جميع بدنها أمام الرجال الأجانب بما فيه الوجه والكفين ؛ ولما كان وجه المرأة مكاناً لزينة المرأة ؛ وباباً من أبواب الفتنة به عظَّم الشرع الحنيف رؤيته للرجال الأجانب ؛ فقال عز من قائل حكيما : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ …) الآية ( النور : ٣٠-٣١ ) وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) ( الأحزاب : ٥٩ ) قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : ” يرحم الله نساء المهاجرات الأُوَل لما أنزل الله : (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ) شققنَ مروطهنَّ ؛ فاختمرنَ بها ” وقالت رضي الله عنها : ” كان الرُّكبان يمرُّون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرماتٍ ؛ فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ؛ فإذا جاوزونا كشفناه ” رواه أبو داود ؛ وفي رواية فاطمة بنت المنذر رحمها الله قالت : ” كنَّا نخمِّر وجوهنا ونحن محرماتٍ مع أسماء بنت أبي بكر ” رواه مالكٌ في الموطأ ، وصححهما عبدالقادر الأرنؤوط في جامع الأصول برقم ١٣٠٤ ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ولاتنتقب المرأة المحرمة ؛ ولاتلبس القفازين ) رواه البخاري في صحيحه ؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع فتاويه (٣٧١ / ١٥ ) : ” هذا مما يدل على أنَّ النقاب ، والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي يُحْرِمْنَ ” قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن الحديث ( فتاوى نور على الدرب ٩٣ / ١١ ) : ” دلَّ هذا على أنَّ نقابها في غير الإحرام كان من عادتهنَّ في ذلك الوقت ؛ فلاحرج على المرأة أن تنتقب في البلاد الأجنبية ، وتبرز عينيها . أمَّا في بلادها التي اعتاد نساؤها أن يسترنَ وجوههنَّ بدون نقاب ؛ فالأولى ألّا تنتقب ؛ وأن تستر وجهها كاملاً ؛ كما هي عادة بلادها ” نسأل الله أن يحفظ نساءنا ، ونساء المسلمين من كل شر ومكروه ؛ وأن يرزقهن الحياء ، والحجاب ، والعفة ؛ وأن يجعلهنَّ صالحات مصلحات في بيوتهنَّ ومجتمعاتهنَّ وأوطانهنَّ . اللهم آمين .