زينة سليم سالم البلوشي
كانت ليلة قاسية البرودة و السماء مغطاءة بالغيوم تعكس ظلالها فوق قصر “آل عيسى” كانت أطلالة القصر على الطراز الحديث و التي تعتبر من افخم الطرازات الفخمة و يحيط القصر من كل الجوانب ورود مما تزيد من جمال القصر و تعطيه معنى للحياة و في الداخل كان كل شئ هادئ على غير المعتاد و كأن الزمن توقف لحدوث شي ما و كأنه ينتظر حدث ما
في الطابق العلوي داخل غرفة مكتب “محمد آل عيسى” و هو رجل في بداية الخمسينات طويل القامة و رشيق و جميل المظهر كان يجلس على كرسيه الذي كان بجانب المدفأة و اخذ يتأمل جمال مكتبه و اخذ يمعن النظر في المدفأة و النيران التي بداخلها و كأنها تعكس ما بداخله من مشاعر و صراعات
و بعد ساعات من التمعن قرر النهوض من الكرسي و الاتجاه إلى الطاولة الخشبية التي كانت مصنوعة من الخشب الأصلي الثمين و بدأ ينظر إلى الأوراق المتراكمة على الطاولة و الملفات الأخرى و الكتب وبعض من الرسائل القديمة التي لم يفتحها منذ فترة فقرر احتساء كوبا من القهوة و جلس بالقرب من المدفأة و من ثم بدأ بقراءة الرسائل واحدة تلو الأخرى
و لكن ما لفت انتباه بأن كل اظرف الرسائل بيضاء إلا رسالة واحدة كانت باللون الأحمر فأخذ تنهيدة و بدأ يفتح الظرف ليرى ما محتوى هذه الرسالة و ما أن فتحها حتى شعر بضيق و تغيرت ملامحه من السعادة إلى الحزن و أخذ يبكي بحرقة و ما أن إنتهى مزق الرسالة بعنف شديد و كأنه لا يريد تذكر أي شي يتعلق بالمرسل و من ثم رماها في المدفأة و بدأ يشاهدها و هي تتحول الى رماد
رن هاتفه فجأة و ما أن رأى اسم المتصل أغلق الهاتف بسرعة و بدأت علامات من الخوف و القلق و الارتباك تظهر عليه و رمى هاتفه و ذهب مسرعا إلى النافذة التي تطل الى الخارج ليتنفس الهواء و ينسى ما رأى و بدأ ينظر إلى الورود و بدأ يتأمل جمالها و بدأ تدريجيا ينسى ما حصل قبل قليل و ما هي إلا لحظات إلا أنه شعر بأنه لمح ظل شخص ما في القصر و لكن قال في نفسه : ما هي إلا مجرد تخيلات فقط فلا أحد يمكنه دخول قصري إلا بأذن مني أنا فقط و بعدها قرر الرجوع إلى الداخل فلقد أحس بالبرودة و أغلق النافذة باحكام
و لم يكن يعلم أبدا بأن هذه اللحظات هي لحظاته الأخيرة في الحياة و أنه لن يعيش طويلا و لم يكن يعلم بأن لحظاته في الحياة أصبحت معدودة
يتبع……
