اتحاد الكتاب التونسيين: ركيزة أساسية في دعم الأدب وتنمية الفكر الإبداعي


د.آمال بو حرب
تُعد تونس منارةً ثقافيةً في المنطقة العربية، حيث تشهد الحركة الثقافية فيها ازدهارًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، خاصةً مع تنوع الفعاليات الأدبية والفنية التي تعكس غنى التراث التونسي وانفتاحه على الثقافات الأخرى. هذا الازدهار لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج جهود متواصلة من قبل المؤسسات الثقافية والأدبية، ولقد قام اتحاد الكتاب التونسيين، الذي يلعب دورًا محوريًا في دعم المبدعين وتنظيم الفعاليات التي تساهم في إثراء المشهد الثقافي.
وقد تجلّى هذا الازدهار بشكل واضح في نجاح الملتقيات الأدبية المختلفة وفي إنجازٍ ثقافي لافت، نجح نادي الشعر التابع لاتحاد الكتاب التونسيين في تنظيم تسع أمسيات شعرية متتالية، حققت حضورًا مميزًا وتفاعلًا كبيرًا من قبل الجمهور والمهتمين بالأدب والشعر. هذه الأمسيات، التي امتدت من 11 أكتوبر 2024 إلى 14 فبراير 2025، كانت بمثابة منصة لإبراز الإبداع الشعري المحلي والعربي، وتعزيز الحوار الثقافي بين المشاركين والحضور وقد كان للكاتب “بوراوي بعرون” الكاتب العام لاتحاد الكتاب التونسيين، دورًا محوريًا في إنجاح هذه الفعاليات، من خلال دعمه المستمر وتوجيهاته التي ساهمت في تحقيق هذا النجاح وباستمرارية لافتة.
انطلقت الأمسية الأولى بتاريخ 11 أكتوبر 2024 بحضور خمسة وعشرين مشاركًا، مما أظهر الاهتمام الكبير بالفعالية منذ بدايتها. واستمرت الأمسيات بتفاعل متزايد، حيث بلغ معدل الحضور في مختلف الأمسيات ثمانية عشر مشاركًا، وهو رقم يعكس نجاح النادي في جذب الجمهور والمهتمين بالشعر. وفي الأمسية الأخيرة التي أقيمت بتاريخ 14 فبراير 2025، حضر تسعة عشر مشاركًا، مما أكد استمرارية الاهتمام بهذا الحدث الثقافي المهم.
شملت الأمسيات احتفاءً بعدد من الشعراء المتميزين، سواء من تونس أو من العالم العربي من بين هؤلاء، تم تكريم الشاعرين الفلسطينيين يوسف أحمد أبوربدة من الخليل، والدكتور محمود عبد اللطيف البطل المقيم في موسكو، اللذين قدما إبداعاتهما التي تعكس هموم القضية الفلسطينية وتجارب الشتات. كما تم الاحتفاء بالشاعرتين التونسيتين صباح بن حسونة من جبنيانة ونجوى النوي من القصرين، اللتين أثرتا الأمسيات بقصائدهما المميزة التي تعبر عن تجاربهما الإنسانية والاجتماعية.
كما شهدت الأمسيات مشاركة شعراء تونسيين بارزين، مثل عزيز الوسلاتي، وصفية بن سليمان، ولطيفة الشامخي من تونس العاصمة، الذين قدموا إبداعاتهم التي تتنوع بين الشعر العمودي والحر، مما أضاف تنوعًا وغنىً إلى الفعاليات. كما استضاف النادي الأستاذين صفوان بن مراد والحسناوي الزارعي في مداخلات ثقافية حول موضوع “الشعر والمقاومة”، وناقش المحاضران دور الشعر في التعبير عن قضايا المقاومة والحرية، وكيف يمكن أن يكون أداةً للتغيير والتعبير عن هموم الشعوب. هذه المداخلات أضافت بعدًا فكريًا إلى الأمسيات، وجعلتها أكثر من مجرد فعاليات شعرية، بل منصات للحوار والتفكير النقدي.
ولا يمكن الحديث عن نجاح هذه الأمسيات دون ذكر الدور الكبير الذي قام به مدير الاتحاد، بفضل رؤيته الثاقبة وإدارته الحكيمة، تمكّن الاتحاد من تنظيم هذه الأمسيات بشكل احترافي ومتميز وكان حريصا على توفير الدعم اللازم للنادي، سواء من الناحية اللوجستية أو الفكرية، مما ساهم في خلق جوٍّ من الإبداع والتفاعل بين المشاركين والحضور. كما أكد في كلمته خلال الأمسيات على أهمية الشعر كوسيلة للتعبير عن الهوية الثقافية والاجتماعية، ودوره في تعزيز الحوار بين الثقافات.
ختام متميز وتطلعات مستقبلية
اختتمت الأمسيات بتقديم الشكر والتقدير لجميع المشاركين والحضور، مع تمنيات النادي بأن تستمر هذه الفعاليات في المستقبل عبر المنظمون عن أملهم في أن تكون هذه الأمسيات قد ساهمت في تعزيز التواصل الثقافي بين الشعراء والمهتمين بالأدب، وأن تكون منصةً لإبراز الإبداع التونسي والعربي كما أعرب براوي بعرون عن فخره بنجاح هذه الفعاليات، مؤكدًا أن اتحاد الكتاب التونسيين سيستمر في دعم مثل هذه المبادرات التي تساهم في إثراء المشهد الثقافي التونسي.
الجدير بالذكر وأن هذه الجهود الكبيرة التي بذلها المنظمون والمشاركون، تؤكد على أهمية الشعر كوسيلة للتعبير عن الهوية والثقافة وان هذه الأمسيات لم تكن مجرد فعاليات ثقافية، بل كانت احتفاءً بالإبداع الإنساني وقدرة الكتابة على تجسيد هموم الإنسان وأحلامه
فهذا التنوع الثقافي ليس فقط تعبيرًا عن الهوية التونسية، بل أيضًا وسيلةً لتعزيز التواصل مع الثقافات الأخرى، مما يجعل تونس نقطة التقاءٍ للإبداع الإنساني. نتمنى أن تستمر هذه الجهود، وأن تظل تونس منارةً للإبداع الثقافي والأدبي في المنطقة والعالم.