رسم حرف


مريم دغريري
خرجتُ في نزهةٍ بعد ألمٍ شديدٍ أصابني، لم أخطط إلى أين سوف أتجه، حملتُ أغراض نزهتي، وكراسَ رسمي. كان الجو جميلًا، الناس تملأ الطرقات، وأصوات هنا وهناك..
وبينما أنا أُجري خطواتي، رأيتُ ينبوعًا جميلًا تقف عليه الطيور لتتزود بالماء العذب، ذهبتُ إليه مسرعةً، جلستُ على أطرافه، تنفستُ هواءً بزفيرٍ أراحني، واشتقتُ أن أرسم..
أخذتُ قلَمي وفتحت كراسي، وبدأت أحدّث نفسي: ماذا أرسم؟
مباني المدينة؟ وشوارعها المزدحمة؟ وفي النهاية قررتُ رسم الشجرة التي بجوار الينبوع الذي أمامي، لكنّي تفاجأتُ عندما انطلق قلَمي برسم ذلك الحرف..
أخذَ رسمُه وقتًا طويلًا، لقد رسمته بخط الرقعة ثم النسخ، ثم الخط الكوفي، وجعلتُ له امتدادًا، وتذكرتُ أن قلَم التحديد باللون الذهبي بحوزتي، أخذته وقمتُ بتحديد رسمة الحرف، كانت الرسمة رائعة..
ووقعَ ما لم يكن بالحسبان، سقطت قطرات المطر، ثم انشغلتُ في جمع أغراضي، وتوجهتُ إلى المنزل فورًا حيث كان المطر شديدًا، أغلقتُ الباب، وقمتُ بتغيير كل شيءٍ به أثر الطين والماء، وعندما أخذتُ كراسي وجدتُ الحرفَ قد ذهبت معالمه، فلم يبقَ له أثرٌ بسبب تلك القطرات..
في اليوم التالي عدتُ إلى ذات المكان كي أعيد رسمه من جديد، فلم أستطع، وكررتُ ذلك مرارًا وتكرارًا، في كل مرةٍ كان مختلفًا عن الرسمة الأولى..
كيف نعيد رسم حرفٍ محته قطرات المطر؟!