الدعاء بالضلال


الشاعر :مصطفي محمد كردى
شيخٌ فقيرٌ ليسَ يملكُ درهمًا
كيما يداوي طفلَهُ من عِلَّتِهْ
سألَ الشّيوخَ فلم يُجبْهُ غنيُّهم
فالكلُّ مشغولٌ يُطيلُ بسُبحَتِهْ
مع أنّهم عندَ الصلاةِ لربِّنا
يبكونَ من ذكرِ الجحيمِ وجنّتِهْ
وكذلكَ الحُجّاجُ راحوا كلُّهم
لم يلحظوا دمعَ الحزينِ بمُقلتِهْ
خرجَ الفقيرُ محطّمًا من واقعٍ
فالكلُّ كذّابٌ يلوكُ بكِذبتِهْ
مَرَّ الحزينُ بشاربينَ حشيشةً
فرأوهُ محزونًا يميلُ بمشيتِهْ
سألوهُ عن سببِ الدّموعِ بعينهِ
فأجابَهم قهرًا يقولُ بحُرقتِهْ
فإذا بهم جمعوا الدّراهمَ منهمُ
أعطوهُ ما يرجو لقاءَ محبتِهْ
قالوا لهُ فادعُ الإلهَ لحالِنا
إنّا عصاةٌ طالبينَ لرحمتِهْ
فالشّيخُ نادى ربَّهُ متضرّعًا
ودعا عليهم بالضّلالِ بدعوتِهْ
فتعجّبوا من قولهِ ودعائهِ
فحكى لهم عمّا جرى من رُفقتِهْ
يا قومُ إنّ صلاحَكم شرٌّ لنا
فلقد رأيتُ صلاحَهم في فِتنتِهْ
فلأنتمُ خيرٌ لنا من لحيةٍ
كذبت على اللهِ الجليلِ ومِلّتِهْ