خطر الشائعات الكاذبة


حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد أمرنا الله بالصدق في كتابه العزيز ؛ وفي سنة رسوله الصادق الأمين صلوات الله وسلامه عليه ؛ ونهانا عن الكذب بشتى صوره وأشكاله فقال عزَّ من قائلٍ حكيماً : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) ( التوبة : ١١٩ ) وقال تعالى : ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) ( الزمر : ٣٣ ) وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) ( النور : ١١ ) وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) ( الحجرات : ٦ ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حتَّى يَكونَ صِدِّيقًا . وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ) رواه البخاري ومسلم ؛ وقال صلى الله عليه وسلم : ( إيَّاكُمْ والظَّنَّ ؛ فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ ) رواه البخاري ومسلم ؛ وقال صلى الله عليه وسلم : ( دع ما يَريبكَ إلى ما لا يَريبُكَ ، فإنَّ الصِّدقَ طُمأنينةٌ ، وإنَّ الكذبَ رِيبةٌ ) رواه الترمذي في سننه ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي برقم ٢٥١٨ وقال صلى الله عليه وسلم : ( آيةُ المُنافِقِ ثلاثٌ : إذا حدَّثَ كذَبَ ، وإذا وعَدَ أخلَفَ . وإذا ائْتُمِنَ خان ) رواه البخاري ومسلم ؛ وقد تظافرت أقوال السلف الصالح رضوان الله عليهم حاثةً الأمة الإسلامية على خلق الصدق ، وذامةً لهم عن خلق الكذب ؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما : ” أربع من كُنَّ فيه فقد ربِح : الصدق ، والحياء ، وحسن الخلق ، والشكر ” وقال يوسف بن أسباط : ” للصادق ثلاث خصال : الحلاوة ، والملاحة ، والمهابة ” وقال مالك بن أنس : ” قلما كان رجل صادقًا لا يكذب ؛ إلا مُتِّع بعقله ، ولم يصبه ما يصيب غيره من الهرم ، والخَرَف ” وقال الفضيل بن عياض : ” ما تزين الناس بشيء أفضلَ من الصدق ” وقال الإمام ابن حبان رحمه الله : ” الصدق ينجي ” وعن أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنه قال : ” إيَّاكم والكَذِبَ ، فإنَّ الكَذِبَ مجانِبُ الإيمانِ” وقال عُمَرَ بنِ الخطَّابِ : ” بحَسْبِ المرءِ من الكَذِبِ أن يحَدِّثَ بكُلِّ ما سَمِع ” وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : ” أعظَمُ الخطايا الكَذِبُ ” وقال عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ رحمه الله : ” ما كَذَبتُ منذُ عَلِمتُ أنَّ الكَذِبَ يَشينُ صاحِبَه ” وقال الأحنَفُ ” ما خان شريفٌ ، ولا كَذَب عاقِلٌ ، ولا اغتاب مُؤمِنٌ ” .
معشر القراء علينا أن نتحلى بخلق الصدق ؛ وهو أحد أخلاق المؤمنين ؛ وهو القول المطابق للواقع ؛ وأن نحذر من الكذب ؛ وهو القول بخلاف الواقع ؛ والذي هو أحد أخلاق المنافقين ؛ ومن أعظم أنواع الكذب ؛ الكذب على الله وحده ؛ ثم الكذب على رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ ثم على الكذب على ولاة الأمر من العلماء والأمراء ، ثم الكذب على سائر المؤمنين ؛ بنشر الإشاعات الكاذبة عنهم ؛ والتي تفرح الأعداء ؛ وتحزن أهل الإيمان ؛ وتفرق صفوفهم ؛ واجتماعهم ، ووحدتهم ؛ وينتشر الشر والفساد بسببها في المجتمعات المسلمة ؛ وخاصة إذا استخدم معها القنوات الإعلامية المختلفة ، ومواقع التواصل الاجتماعي المتنوعة المختلفة ؛ نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل الصدق والصلاح في أقوالهم وأعمالهم ؛ وأن يبعدنا وإياكم عن الكذب ، والإشاعات والفاسدة ؛ وأن يديم علينا وعليكم نعمة الأمن والإيمان في بلداننا ، واجتماع الكلمة ، ووحدة الصف في أوطاننا حتى نلقاه وهو راضٍ عنا غير غضبان . اللهم آمين .