ناجية و تابعت الحياة


الكاتبة:ندى فنري
لم يكن حلماً ما مررت به ؛ إنها رحلة صارت قصة من الماضي .
حب و نبض و وجع … بدايتها عندما أخبرني الطبيب بأنني مصابة بسرطان الثدي تفاجأت لحد الذهول فلم يكن عندي على حد علمي تاريخ عائلي ولا أحد قد أصيب به قبلي .
لم أرد السفر للعلاج في الخارج فالفكرة لم تكن واردة في خاطري و لم أرتاح لها فأنا بحاجة لدعم أسرتي وقلوبهم ودعواتهم لعبور هذه الرحلة .
انهمرت دموعي و أنا أردد هل فعلاً أنا مصابة بهذا المرض الذي لم نكن نتجرأ على ذكر إسمه .
الناس تعيش خسارات
و تحديات و أنا اتفقت مع طبيبي ألا أستسلم لهذا القدر و أمشي في درب الجراحة و المعالجة
و الشفاء .
أحاسيس و مشاعر متضاربة انتابتني حالة من الذهول رافقتني و أنا اتنقل بين الفحوصات
و الأشعة إلى أن تم العمل الجراحي .
تجاذبت الحديث مع زوجي بعد التأكد من النتيجة فأبحرت في عقله و خلجات قلبه و خففت من هواجسه وقلقه.
أخبرت أولادي و أمي
و أخواتي وبين حزنهم و خوفهم و بين مشاعرهم الحساسة تجاه الموضوع
بذلت جهدي لأبتسم في وجههم .
من بالغ الأهمية أن نؤمن بقضاء الله و قدره خيره و شره ومن الحكمة أن نستفيد من الثورة العلمية التي تطورت عبر السنين .
رسخت فكرة أن العلاج مع الإيمان و الصبر سبب لأنجو من هذا الامتحان.
تعاملت مع عواطفي و أفكاري ووجداني بجدية
و سألت طبيبي الجراج هل هناك أمل .
و هل الشفاء مضمون
أجابني لا شيء مضمون لكن الحياة تستاهل التجربة .
نعم الحياة مع أولادي تستاهل التمسك بها
و مقاومة المرض.
قبل الجراحة التف حولي المرحوم زوجي و أولادي وأمي و أخواتي و بعض الأقرباء.
كم نحن محظوظين بالحب يغمرنا لدرجة الأمل وأنا على السرير أتأمل السقف وقلبي يلهث بالدعاء يارب لو الحياة خير لي أحييني
و لو الحياة شر لي فأمتني على دينك .
أنا أحب أولادي يارب
و أحب أن أبقى معهم .
رحلة من الأمل و الألم بلغت ذروتها عندما سقط شعري بأكمله .
شعري الذي كان ينساب على كتفي و يحيط بنعومة بوجهي .
ليس هناك وصف يترجم مشاعري إلا كلمة الحمد الله أولاً و أخيراً على هذه المحنة جعلها الله في ميزان حسناتي .
كل مرة أذهب للمشفى لتناول العلاج أخذ معي صور أولادي
أتأملهم و أدعو لنفسي
و لهم بالصبر .
كان قلبي بين الخوف
و الرجاء واجف يرتعش من الحزن ، و أنا أرى أولادي قلوبهم وارفة تحمل همي .
كنت أنظر في المرآة وابتسم وأنا في حالة وهن .
كم دعيت الله بكل شيء
و لم يخطر ببالي أن الصحة أغلى شيء .
عندما بدأت العلاج كان الطقس بارداً ووزني بدأ يتناقص و وجهي مال للشحوب ،ومع ذلك لم أفقد إيماني للحظة أن الشفاء قريب بإذن الله
رغم ضعف النور في آخر النفق في هذه المرحلة .
إلا أنني صبرت و حتى لم يكن عندي ردة فعل عندما فقدت شعري الطويل الأشقر .
لملت خوفي و اكتسى وجهي سحنة من الحزن بالإضافة إلى ضابية غامضة لم أعرفها من قبل .
يا الله هل أنا في غاية السرور أم في غاية الحزن … لأنك تسمعني.
نحن أسرة متوسطة الحال تؤمن بالعلم
زوجي موظف و أنا مدرسة أطفال و ربة منزل
كبرت عائلتي بالغربة بالتدريج و أن أتيت من أسرة مؤلفة من أب و أم و أربع بنات .
عشت في بلاد مختلفة
تعلمت منها الكثير
أفدت و استفدت
كل بلد ترك في نفسي الكثير من الحب .
و أنا تركت بصمة.
تعلمت بالغربة دروس الحياة و تعلمت أن أعمل بجد و أساعد الناس في جميع نواحي الحياة .
الناس تحب أن يتم تشجيعها ، لكي تكون بحالة أفضل وهذا ما كنت أطبقه لتحسين العلاقات مع الجميع
ومع أنفسهم لتعم السعادة و الإيجابية .
بذلت جهدي بعد الشفاء لأنشر الوعي حول الكشف المبكر الذي يساعد بنسبة كبيرة على الشفاء .
في النهاية هي مرحلة تعلمت منها الكثير
و سأتحدث عنها دائماً
خلال فترة العلاج داومت على قراءة القرآن
و الأدعية و قصص الناجين .
فترة العلاج كانت طويلة
و مؤلمة واستفدت من القراءة .
لا شك أولادي دعموني بحب و هم زهرة عمري
الصبر له فوائد جمة
و عَرفت أنني مسؤولة عن نفسي وعن حياتي، و عن سعادتي و مكانتي، وفي الحقيقة نحن نضعف أمام المرض و نقوى بالصحة فعلينا الأعتناء بأنفسنا جيداً .
كل ماعلينا أيضاً أن نتذكر من كان معنا خلال هذه الرحلة .
أمي و أخواتي و دعواتهم
كانت تهمهم حياتي ،
و أنا تهمني سعادتهم .
كلنا نستطيع أن نعيش التحدي ولذلك لازلت أتحدى الظروف فأنشر الإيجابية . و تطوير الذات
لأساهم في نجاح الأفراد و المجتمع .