(كِذْبَةُ إبْرِيلَ) قِراءةٌ فِيْ الأُصولِ التَاريخيّةِ

تُشيرُ المصادرُ التاريخيّةُ إلى جماعةٍ من أعداءِ المسيحِ قصدوا إيذاءه فعمدوا إلى إرساله في جولةٍ عبثيةٍ لا طائلَ منها؛ مرّ بِها على الحكام والمسؤولين الرومان عندما حُكم عليه بالموت على الصليبِ.

 

هَكَذا ضَللَ الموتورونَ مِنَ اليهود يسوعَ المسيحَ، وفي ظني هذا سببٌ رئيس تتحرجُ الكنيسة في إذاعته لتفسير هذا التقليد

السنوي لكذبةِ نيسان/ إبريل .(April Fools’ Day)

 

 

تُوثقُ مسرحياتُ القُرونِ الوسطى الغربيّة هذا الأمر، لأنّها جسّدت تلك الأحداث برحلةِ المسيح من (حنّان إلى قيافا) وهما من كبار الكهنة ورؤسائهم، ثُمّ إلى بيلاطس فهيرودوتس والعودة أخيرا إلى بيلاطس “عُرفت هذه العادة قديما في حضارات متعدّدة قبل المسيح، وهي عادة إرسال الناس في مهمات سخيفة لا طائل منها”.

 

 

يربطُ باحثونَ آخرون يوم كذبة أبريل بمهرجانات هيلاريا التي احتُفل بها في روما القديمة وتضمنت فعالياتها أشخاصا يرتدون ملابس تنكرية ويسخرون من غيرهم.

 

 

ثمّةَ تفسيرٌ آخرُ يبدو أكثرَ جاذبيّةٍ عن كذبة إبريل وأصلها ترجع لفترة حكم الملك ” شارل التاسع ” في فرنسا بدايات القرن السادس عشر. لقد كان الناس آنذاك يحتفلون برأسِ السنة في 25 من مارس وهو موعد بدء فصل الربيع، وكانت الاحتفالات تتضمن تبادل الهدايا، وتستمرُ مُدة أسبوع تختم في نهايته بإقامة حفل عشاء في الأول من شهر إبريل مثلما هو التقليد اليوم برأس السنة.

 

يُقالُ أنَّ الملك شارل قد قام عام 1564، وهو عام بداية التقويم الغرغوري، بإصدارِ قرارٍ ينقلُ بموجبه يوم رأس السنة إلى الأوّل من يناير/ كانون الثاني، ويُقالُ أنّ هذا القرار لاقى مقاومة العديدين؛ فتناسوه وظلوا يحتفلون براس السنة طيلة الفترة الواقعة بين 25 مارس إلى الأول من ابريل.

 

سَخَرَ أصحابُ النكات مِن أولئك المتعصبين الذين التزموا برأس السنة القديم وبدأوا بإرسالِ هدايا سخيفة ودعوات إلى حفلات خيالية من تنطلي عليه الحيلة يُسمّى ” سمكةُ إبريل” وهي سمكة ورقيّة تلصقُ على ظهرِ الضحيّة مثلما كنا نلصق (حمار للبيع) فيما مضى … كما أنّ الشمسَ فعليا تقوم بمغادرة برج الحوت؛ ومن المعروف أنَّ أحدا لم يسلم من نكات هذا اليوم الساخرة، فلُّقب نابليون الأوّل امبراطور فرنسا ذات مرة بـ(سمكة نيسان) عندما تزوج للمرة الثانية من ماري لويز النمساوية.

 

تقبّلَ معظمُ الناس بمرور السنين اعتبار الأوّل من كانون الثاني وم رأس السنة الجديدة، لكنهم تمسكوا بولع بيوم كذبة نيسان الممتع وجعلوا منه يوما تقليديا شمل كل بلدان المعمورة.

 

أما التفسير الأكثر طرافة لأصل هذا اليوم فقد قدمه “جوزيف بوسكين”، أستاذ التاريخ بجامعة بوسطن، وهو التفسير الذي نشرته الأسوشييتد برس عام 1983.

 

حيث ذكر أنّ هذه الممارسة بدأت في عهد قسطنطين، عندما أخبر مجموعة من الحمقى والمهرجين الإمبراطور أنّ بإمكانهم إدارة الإمبراطورية بطريقة أفضل منه، فسمح قسطنطين لمهرج اسمه “كوجل” بأن يكون ملكا ليوم واحد، وأصبح الأمر حدثا سنويا. نشرت الأسوشييتد برس هذا التفسير على صفحاتها بالفعل، ولم يدرك أحد أنّ (بوسكين) اختلق الأمر كلّه إلا بعد مرور أسبوعين، لتدرك وكالة أسوشييتد برس وصحافيوها أنهم كانوا ضحية لكذبة أبريل بدلا من الكشف عن أصلها. صححت وكالة الأسوشييتد برس الخبر، واستخدم (بوسكين) القصة لتذكيرِ طُلابه بأنَّ عليهم دائما التحقق من الأخبار والقصص أيّا كان مصدره.

 

قبلَ أكثر مِنْ عقد من الزمن أشاعَ اثنان من الظرفاء (كذبة إبريل) موتي، وأكدوا قدر الله وأجله؛ فسرت الإشاعة من مصدرها كليةِ الآداب كالنار، لأتلقى اتصالا هاتفيا على غير العادة

 

يطمئنُ عليّ فيهِ من رئيس قسم الإعلام إلى مدرسة الموهوبين في دار سعد حيثُ كنت أدرّس أغلب أيامي، استغربتُ أن يأتي الاتصال إلى إدارة المدرسة، وكنت أغلق هاتفي حينها، وعندما فتحته لأرى عشرات الاتصالات ورسالة رائعة تمنّى فيها صاحبُها الّا أموت وهو يتهيأ لإلقاء قصيدته أمام الطلاب في محاضرتي اليوم هو إعلامي معروف.

 

بعض الظرفاء والمتفيقهين، زعم لي أنّ المزاحَ يجوز وضرب لي مثلا بالصحابي اليماني نُعيمان بن رفاعة ومقالبه! إنّما في نفسي من الكذب شيءٌ اختصره بقول رسول الله

 

(ويلٌ لمن يحدِّث فيكذب ليُضحك به القوم ويلٌ له، ويلٌ له) رواه أحمد والترمذي وأبو داود.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى