د.حنان ابو زيد
هـا هــي لياليـــه البــاردة
أكـثر دفـئًا واحتـوائًا مـن
صقيـع المشاعر الجـامدة!
لأحدى القلـوب الجـاحدة
قد نادت بالقسوة جاهدة
فصـــارت ضـــلة شــاردة
انه ديسمبر……
ترقبتـه فـي خـوف وعــويل
واقبلت عليه بتروٍ بـلا عجـل
كـان معجـزة الليــلِ الطويــلْ
لذكـــرى يـومٍ أو حُـلْمٍ جميـلْ
شــدونا بأغنيتُـنا الحـالمـــــة
وشاركــنا بعهـــــدٍ مستحيــلْ
عزفنا لحن برودته حزناً عليل
علـى دقـات دفــوف الرحيــلْ
انه ديسمبر……
يعــزفٌ وراء كُـل خيـالٍ ضـريرْ
بإيقـاعٍ ليــومِ الميــلاد القصــيرْ
لحـن فـراقٍ بلا احتيـاجٍ لتفسيرْ
فيأتينا بترنيمة فناء وألمٍ عسير
انه ديسمبر……
ذلك الكهــل والشيـخ الشــريد
يحمـلُ لنـا رداء الـوداعْ العنيد
بأمنيـات بـاردة بلا أمـل جديد
بـلا اختيـار منــا لثــوب العيـد
ليرسل أنفاسه البعيدة بلا بريد
على أطراف قـوس قزحٍ شديد
محطمًا للأمنيـات أو حُلم وليد
انه ديسمبر……
أُعجوبــة سحــــــر البدايـــــــــــات
وأُلعـوبتــةُ فــي فصـــل النهايـــات
برودتـه تتسـلل تختـصر الحكايـات
دون عنـــاء لقــــراءة الصفحـــــات
يُنهـي الليـالـي ويقطــع المسـافـات
كــم وصفتـه فـي أغلـب الـروايـات
ومضغت فصوله أفكاري الصغيرات
ليوئـدها قبـل رفـع ستـار الأمنيـات
انه ديسمبر……
يُعلِنُ بختم الروايات وحمل الآهات
إلى فصـلٍ آخـر بـلا بـرودة عبـارات
هيــــهات .. هيــــــهات.. هيــــــهات
رويـدك مهـلًا كـي لا تُفنـى ما تبـقى
مــن زهــورنا و صـورنا والذكــريات
حتـى لا تطـفئ الشمـس بالسمــوات
ديسمبر أول و آخر فصول النظـرات
مــوتُ حيـاةِ و مـولد أخـرى تأتينـــا
بصُـدْفة لقـــاء تحـت المطـر زخــات
في ابتسامةٌ جديدة لعشاق الزهرات
ليبقى الحنين معلقًا بسيل القطـرات
بين فصـل الأحـداث والاستثنـاءات.
انه ديسمبر……
هو صدفة الحبِ تحت مظلةٍ حمراءْ
بقبلـةٌ دافئـةْ حانيـة علـى خـد اللقاءْ
أو تتركنا ديسمبر بلا أعبـاء بلا شقاءْ
لنحتفظ بالنقـاء على ورقـة خضـراءْ
ولا تكن بلا حراكْ بلا صـوت أو نداء
مستسلمًا محمولًا على زوابـع الهـواءْ
ليُحكم على أسوارك بالتجمد والفنـاء.
انه ديسمبر……
ربما نرى معه فـرح بآخر الطريـق
تمتد لنا أيدي وقلب مُحب رفيـق
ليُزهر دروبنا الخالية من الرحيـق
وينير أنجمنا الخالية من أي بريق.
انه ديسمبر……
هو وأنا بانتظارٌ صامتٌ حالم
و وداعٌ أبكــم مقبـض قـاتــم
قـاس البـرودة وحكمهُ صارم
يأمـر المشاعـر بتجمـد حـازم
لا يبالي بقلوبنا متعـالٍ ظالـم.
أيا ديسمبر……
احملُ لنا من الفرح رايـةْ
به أول وأعجوبةُ البدايةْ
بـلا ألاعيب منك للنهايـةْ
ادفــئ ليـالينـا العاريــــة
واختصـرُ كُــل الحكـايـةْ
وتُقــرأُ علـى أيامنـا آيــةْ
لنسابق الحزن بلا درايـةْ
قـد نـــــرى أو لا نـــــرى
من عظيم الأشياء غايـة
مــن اكتـظاظ الدمـــوع
فتحملُ الأشواق بعنايـةْ
أو شـيئًا خـفيًا بالحنـايا
فيــــودِعُنا و نودِعُــــــهْ
بقصة اسطورية بلا نهاية.
