مقالات

الإلحاد

روان محمد الهتاري

روان محمد الهتاري

الإيمان بوجود خالق عظيم لكل ما في الوجود أمر بدهي وفطري في نفوس كل البشر، والدين أساسي في كل زمان ومكان، فلم توجد أي حضارة إلا وفيها معابد، ولم يكن هناك منكر لوجوده سبحانه إلا قلائل، أما اليوم فقذ أصبح الإلحاد ظاهرة مخيفة يزداد متبعيها خصوصًا في الغرب الذي يؤمن بالمادة والعلم، فالناس في دول الغرب يعتقدون أن الإنسان القديم كان يؤمن بوجود آلهة لأنه لا يستطيع تفسير الظواهر الكونية، أما اليوم مع تطور العلم أصبح. الإنسان قادرًا على تفسير كل الظواهر الكونية واختراع الآلات الحديثة التي سهلت كل سبل العيش، فأصيب هذا الإنسان الغربي بالغرور وأعتقد أنه لا وجود للإله بل هو الإله الذي تتمحور الدنيا حوله!

بدأت ظاهرة الإلحاد بالأنتشار بعد الثورة الفرنسية التي قامت ضد رجال الدين وأدت إلى العلمانية أو فصل الدين عن الدولة وكل مناحي الحياة، فضعف الدين في النفوس شيئًا فشيئًاً وفي ظل سيطرة رأس المال على كل شيء، بينما الروح خاوية لا غذاء لها، أنفصل الإنسان عن هذا الإله الذي لا يجده إلا في الكنيسة فقط، ثم اختفى تماما من حياة كثير من الفلاسفة والمفكرين ومن أعجب يفكرهم.

الأمة العربية والإسلامية اليوم ضعيفة وتتأثر بكل ما هو غربي لذا نجد من لم يعِ أساسيات دينه ضعيفًا أمام أي شبهة تثار حول الإسلام فيؤدي ذلك إلى إلحاده وربما يسمي نفسه مفكرًا حرًا! أو ربما عاش أحدهم في بيئة متشددة يعاني الظلم والقهر بأسم الإسلام فيكون رد فعله إنكار وجود الله -حاشاه سبحانه- أو شبهة وجود الشر، الأشخاص العاطفيون دائمًا ما ينكرون وجود إله رحيم يرى كل هذه الشرور في العالم من زلازل وحروب وقتل ولا يحرك ساكنًا -تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا- والحق أن الردود على هذه الشبهات وغيرها مبثوثة في كتب الأقدمين الذين سخروا أقلامهم للدفاع عن الإسلام، ما من شبهة تثار اليوم إلا والرد موجود -بإستثناء نظرية داروين- ويستطيع كل من يبحث عن الحق الرجوع إليها، أو سؤال أهل العلم، لكن في الحقيقة بعض الأشخاص لا يبحثون عن الحق وإنما يتبعون أهواءهم، متبع الحق يكفيه دليل واحد، بينما متبع الهوى لن يكفيه ألف دليل.

كل ما في هذه الكون يشير إليه عز ووجل، خلق الله فينا فطرة سليمة تقودنا إلى التسليم بوجود خالق دون تعليم، كما أن الإتقان في صنع كل شيء ينفي أن يكون كل هذا وجد صدفة، لكن الإنسان ظلوم جهول لنفسه، يرفض الاعتراف بأنه مخلوق ضعيف ناقص عاجز يحتاج إلى غيره، وذلك بسبب داء الكبر والعجب بالنفس الذي استشرى هذه الأيام، وفي الحديث الشريف قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:” لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر”

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لمّ الكبر بالذات؟ هناك ذنوب أبشع منه كالزنا مثلا، لمّ الكبر وليس الزنا؟ أعتقد -والله أعلم- أن السبب يكمن في أن الكبر قد يوصل الإنسان إلى تأليه نفسه، وهذا نراه اليوم عند من ينكر وجود خالق ويعتقد أنه قادر على فعل كل شيء ولا يحتاج إلى إله متجاهلًا أنه ضعيف لدرجة أن فيروس صغير يستطيع قتله ببساطة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى