من لا يفهم صمتك لن يقدر أفكارك

أن طابعنا الاجتماعي يدفعنادائما أن نبحث في الآخرين عما نفقده في أنفسنا، وقد نجد فيهم ذلك، لكن هذا لا يبرر هذه الحاجة، فنحن في غنى أن يحققوا لنا ما فشلنا فيه، إذا لم نحقق ذلك بأنفسنا، فلماذا ننتظر تدخل الآخرين قد يفهومننا، وقد لا يفهموننا وتلبيتهم لندائنا الاجتماعي، على أمل أن يخرجنا هذا من عزلتنا، والتي لا نجد فيها بديلا غير معانقة أنفسنا، ودخول الآخرين في حياتنا قد يدمرها وليس ليرممها عكس ما كنا نتوقعه منهم، ولعل مانمر به في مرحلة تطور الإنسانية تدفعنا لكي نبحث عن أنفسنا بعيدا عن الآخرين وأن نحتوي ذواتنا قدر الإمكان، نخطئ عندما نعتقد أن الآخرين سيلبون نداء احتياجاتنا، ونخطئ عندما نلوذ إليهم بكل غباء، إذا لم نجد ما نبحث عنه بدواخلنا فلن يضيف لنا الآخرون سوى المزيد من الابتعاد عن الذات ..

 

لذا لا أحد يفهم ما يدور في أعماقك، ولا أحد قد يسعف مكامن ضعفك، قد يشفق عليك الآخرون، وقد يُبدون تآزرهم، وقد يتضامنون معك، لكن ما لا تعتقد أنك سترتاح كلياً هذا مجرد وهم تكذب به على نفسك، لأنك انت الذي يمكنك ترميم جراحك، وأنت من يمكنه أن يجد نقاط قوتك، الآخرون لن يغيروا شيئا من أحزانك، هذا إذا لم يضاعفوا حدتها، فلا تنتظر وسر بعيدا عنهم، أنت من يحقق ما تريد، فنحن لا نحتاج فقط لمن يؤنس وحدتنا، ويقوي ضعفنا وينمي انهيارنا، نحتاج لمن يفهم أعماقنا، ويفهم صمتنا ويخفف من حدة أحزاننا، وهذا أمر مستبعد، لأننا ولدنا أفراد، وسنظل كذلك، وما ننتظره من الآخرين قد يكون شفقة لهذا كن قادرا على الانصات لأعماقك وأبحث في داخل نفسك عن نفسك ، وتعلم كيف تكتفي بها ..

 

لم يعلمنا أحد أن نحب أنفسا ولم نتعلم أيضا أن نحب ذاتنا بكل مافيها من عيوب ولم نتعلم أن نتصالح مع حقيقتنا وأن نتقبلها، كما هي ولم ونبحث عن الحب في أعماقنا بدل أن نبحث عنه لدى الآخرين مهما كان الطريق إلى ذاتنا طويلا، لكننا لن نسلك هذا الطريق ما دمنا لم نتخلص من الطريق الذي اعتدنا أن نسلكه ولجؤنا للآخرين، فينبغي أن نعود ذاتنا أن نتحرر قدر ما أمكن عن حاجتنا للآخرين، فالذات هي الأصل وهي الغاية، لن نحقق ذاتنا ما لم نتعلم أن نؤمن بها، وأن لا ننتظر من الآخرين ما هو موجود في أعماقنا، فهذا الانتظار مجرد سراب اعتقدنا أنه سينقذنا من وحدتنا وعزلتنا،لم تكن العزلة يوما مرضا لمن أراد العودة لذاته، وتوقع أن يجد ذاته وسط الآخرين فلأرواح المتعبة،لن تجد في الآخرين غير المزيد من الألم،

 

فنحن نحتاج أن ننظر في أعماقنا لنكتشف مدى ما نخبئه من قوة، ولنتمكن من استثمار هذه الطاقة في تحقيق ذاتنا والإيمان بها، بعد الله سبحانه وتعالى بعيدا عن كل التفاهات التي تبرر حاجاتنا للآخرين فيجب على الإنسان أن يتعلم وأن يحب نفسه بشكل كاف وصحي حتى يستطيع أن يتحمل ويكون مع نفسه من غير الحاجة للهروب فما دمنا لم نتعلم أن نحب ذواتنا بقوة، فإننا لن نجد هذا الحب لدى الآخرين، أن تحب ذاتك هذا نوع من المصالحة مع الذات، وتقبل الذات بكل ما فيها، هذا الحب كفيل بأن يدفعنا للوثوق بأنفسنا، وأن نكتفي دون حاجتنا للآخرين لأنه ليس مطلبا ضروريا، نحن نحتاج للآخرين فقط عندما لا نحب ذاتنا،او أن يملأوا وقت فراغنا وهذه أمور لا تليق بالإنسان كفرد أصبح من الضروري أن يكتفي بنفسه، وأن لا يضطر للبحث عن الآخرين، لم نتعلم كيف نحب ذاتنا بكل ما فيها من عيوب وأن نتصالح مع حقيقتنا ونتقبلها، ونتعلم كيف نبحث عن الحب في أعماقنا بدل البحث عنه لدى الآخرين،..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى