مقالات

صفعة القرن من أجل نظام عالمي جديد: “طوفان الأقصى” نموذجا

حسام الدين الغيري -تونس

حسام الدين الغيري -تونس

“… ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلا بعد جيل قصة الكفاح ومشاقه، مرارة الهزيمة وألامها، وحلاوة النصر وآماله.”

 

وردت هذه الكلمات الخالدة في التاريخ العربي المعاصر والراسخة إلى اليوم في أذهان الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، في خطاب النصر للرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات الذي ألقاه على أعضاء مجلس الشعب المصري في 16 أكتوبر 1973.

 

لطالما استمعت واستمتعت بهذه الكلمات المعتقة في ذكرى حرب السادس من أكتوبر المجيدة، وتحسرت على الماضي العربي الذي لا يملك في تاريخنا الحديث والمعاصر سوى القليل من الانتصارات كان آخرها النصر الذي حققته القوات المسلحة المصرية في حرب أكتوبر. إلا أنه هاهو التاريخ يعيد نفسه من جديد في أبهى صوره بعد الحرب الخاطفة التي قادتها المقاومة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني في السابع من أكتوبر 2023، والتي تعتبر من أنجح وأنجع العمليات العسكرية العربية مخترقة جيش الاحتلال. الغاصب، مبعثرة أوراقه، محطمة من جديد أسطورة الجيش الذي لا يقهر رغم تفاوت الإمكانيات اللوجستية والتكنولوجية.

 

وقد جعلتني عملية “طوفان الأقصى” أمعن النظر قليلا في خطاب الرئيس السادات، لعل الصفعة الأولى قد تحققت في القرن الماضي في حرب مباغتة شنتها مصر وسوريا على الكيان الصهيوني، وقد حققت هذه الحرب انتصارا جزئيا للعرب باسترجاع سيناء ، لكن بقيت بقية الأراضي الفلسطينية التي تم احتلالها في حرب 1967 بالإضافة الى الجولان السورية تحت قبضة الكيان الغاصب، وتواصلت بذلك المآسي العربية.

 

وقد علم الفلسطينيون أبناءهم جيلا بعد جيل قيم الحرية والعزة والكرامة والذود على الأرض والوطن مهما طال العدوان على مر الزمن، وأيقنوا مرارة الهزيمة وقسوتها فوجهوا للكيان الصهيوني صفعة ثانية علها تسترد الأمة المكلمومة شرفها.

 

لهذه الصفعة أثر كبير على النزاع العربي الاسرائيلي وعلى العلاقات الدولية في منطقة الشرق الأوسط. ستحيي عملية ” طوفان الأقصى” التي تعتبر نصرا كبيرا للأمة العربية بعد خمسين سنة على حرب أكتوبر،روح المقاومة الفلسطينية التي توحدت بجميع فصائلها من أجل ردع العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة. ولعلها ستحيي أيضا روح الوحدة الوطنية بين حركتي فتح وحماس. كما ساهمت هذة الصفعة في دخول أطراف أخرى الحرب الدائرة بين المقاومة الفلسطينية والدولة العبرية، حيث هاجمت حركة حزب الله اللبنانية أهدافاً اسرائيلة متعددة، كما أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية مساعدات عسكرية بلا حدود للدولة العبرية، مما جعل المنطقة على صفيح ساخن في ظل التحالفات السياسية الموجودة. لكن لصفعة القرن الحادي والعشرين عواقب وخيمة على قطاع غزة الذي يعاني الويلات في ظل الحصار المفروض عليه وسياسة التطهير العرقي التي انتهجتها قوات الاحتلال لاستراد البعض مما فقدته من هيبتها.

 

في النهاية، ستؤدي هذه الصفعة إلى عودة الروح إلى الضمائر العربية الجريحة وظهور بوادر الأمل في سبيل استرجاع الحقوق الفلسطينية المسلوبة، كما أنها ستفرض نظاما جديدا يقيد الحريات والدفاع عن شعب مستضعف بتعلة معاداة السامية .

 

وسيأتي يوم بإذن الله نروي فيه أمجاد الأمة العربية في القرن الواحد والعشرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى