Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

ماذا بعد الحج

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري 

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري 

لقد عاد حجاج بيت الله الحرام إلى بيوتهم وبلادهم ؛ وقلوبهم فرحة ؛ والسعادة تغمرهم بأداء فرضهم ؛ ورؤية أولادهم وأوطانهم ؛ عاد الحجاج ، وقد مروا بتلك البقاع الطاهرة ، والمشاعر المقدسة ، عادوا وقد سكبوا فيها العبرات ، وناجوا فيها ربهم بالدعوات ؛ مكبرين لله ، مهللين ، مسبحين ، ملبين : لبيك اللهم لبيك ؛ لبيك لاشريك لك لبيك ، إنَّ الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك ؛ عاد الحجاج إلى أوطانهم وأولادهم ؛ وقد أتم الله عليهم فريضة الحج ؛ راجين من الله المغفرة لذنوبهم ؛ وقبولَ أعمالهم ؛ وعتق رقابهم من النار ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَن حَجَّ هذا البَيْتَ ؛ فَلَمْ يَرْفُثْ ، ولَمْ يَفْسُقْ ؛ رَجَعَ كما ولَدَتْهُ أُمُّهُ ) رواه البخاري في صحيحه ؛ فما أحسن عودتهم ؛ وما أعظم أوبتهم ؛ وقد غفر الله ذنوبهم ؛ ورفع درجاتهم ؛ وأعتق رقابهم من النار ، فليحافظوا على هذا الفضل الكبير ، والثواب العظيم من الله صاحب الجود والإنعام ؛ وليحموه مما يحبط الأعمال ؛ أو ينقص من أجرها من الكفر ، والشرك ، والبدع ، والفسوق ، والعصيان ؛ أو التقصير في شيء مما أوجبه الله عليهم من الطاعات والقربات ؛ حتى يلقوا ربهم بقلوبٍ سليمٍة ؛ ونفوسٍ مستقيمةٍ ( يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) ( الشعراء : ٨٨ – ٨٩ ) قال الامام ابن كثيرٍ في تفسيره : ” القلب السليم : أي السالم من الدنس ، والشرك . وقال محمد بن سيرين : القلب السليم أن يعلم أنَّ الله حقٌّ ، وأنَّ الساعة آتيةٌ لا ريب فيها ، وأنَّ الله يبعث من في القبور . وقال سعيد بن المسيب : القلب السليم : هو القلب الصحيح ، وهو قلب المؤمن . وقال أبو عثمان النيسابوري : هو القلب الخالي من البدعة ، المطمئن إلى السنة ” ولايعني ذلك ألا يقع الإنسان في الذنب بعد التوبة منه ؛ أو التقصير في الطاعة بعد المداومة عليها ؛ فكلٌّ ذا خطأ ، وكلٌّ ذا قصور :

من ذا الذي مـا سـاء قــطّ

ومن لهُ الحُسْنى فقـطْ

ولنتبع الحسنات بالحسنات ، والسيئات بالاستغفار والتوبة الصادقة الخالصة ؛ وصدق الله تعالى إذ يقول : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ( الزمر : ٥٢ ) وفي الحديث القدسي : ( قال اللهُ تعالى : يا ابنَ آدمَ ! إِنَّكَ ما دَعَوْتَنِي ، ورَجَوْتَنِي ؛ غَفَرْتُ لكَ على ما كان فيكَ ولا أُبالِي ؛ يا ابنَ آدمَ ! لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لكَ ولا أُبالِي ؛ يا ابنَ آدمَ ! لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرضِ خطَايا ، ثُمَّ لَقِيْتَني لاتُشْرِكْ بِيْ شَيْئًَا لأتيْتُكَ بِقِرَابِها مَغْفِرَةً ) رواه الترمذي في سننه ؛ وصححه الألباني في صحيح الترغيب برقم ٣٣٨٢ .

نسأل الله أن يلهمنا رشدنا ، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ؛ وأن يجعل خير أعمالنا خواتمها ؛ وخير أعمارنا أواخرها ؛ وخير أيامنا يوم نلقاه ، وقد رضي عنا ، وأرضانا . اللهم آمين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى