البعد الأنساني بين الوصابي واللغماني واوكاموتو الياباني ” أحبك يا أخي الإنسان”


صدّيقة التّستوري/ تونس
لطالما زرع الباحث والمفكر اليمني، أستاذ الحضارة والنقد مجيب الرحمن الوصابي؛ محاضراته ومقالاته في عقول القرّاء على تفاوت نسبة وعيّيهم. لتأتي أُكلها ولو بعد حين.
ليس بالبعيد كانت لَفتة الدكتور هذه المرة لفتةً نبيلة، إذ من منا لم يحبّ ذلك الجندي في الجيش الأحمر الياباني الذي شاع نجمه في سماء المشرق والمغرب.
وعلى حسب ما أشار إليه الوصابي، إنه “كوزو أوكاموتو” الذي حارب من أجل الثورة العالمية وقاتل مع الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين والذي ” اعتقد أنه سيتحوّل إلى نجم في السماء إذا ما مات وهو يدافع بسلاحه عن فلسطين ،قبل أن يعلن إسلامه وياخذ له “أحمد الياباني” مسمّى له”.
وقد ضمّن أيضا الوصابي نص تخليد للبطل الياباني عن الشاعر التونسي الراحل ” مختار اللغماني”
والذي كان ختامه مسك: ” مات جميع الابطال…
ومازال الإنسان
أوكاموتو …”
فالمحتوى ذو الصبغة التوعويّة (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) والتذكير هنا مِمّا عُرف مُجمله بالفطرة والعقول فإن الله فطر العقول على محبة الخير وإيثاره، وكراهة الشر والزهد فيه، وشرعه موافق لذلك، فكل أمر ونهيٍّ من الشرع، فإنه من التذكير من باب الخير والنفع للمصالح الفردية والجماعية…
ما أحوجنا إلى ” أوكاموتو” في أيامنا الحالية وخاصة بأنه” صراع عالميّ ذو بعد إنساني فطري” كما أشار إلى ذلك الدكتور.
فنحن أمام حقٍ وباطل، لذلك حتى وإن حظى الكيان الصهيوني بمباركة الجميع أوروبا وأمريكا وغيرهم… ومنححهم إيّاه الغطاء السياسي والديبلوماسي والعسكري لشن هذه الحرب القائمة على غزة، وإقام المجاور والإبادات الجماعية بكل أريحية.
وحتى وإن اعتبروا المقاومة الفلسطنية منظمة إرهابية.(على الرغم من إدراك الجميع من يرتكب جرائم حرب ومن هم الإرهابيين)
إلا أنّ للشعوب موقف آخر (معركة الرأي العام الدولي) تماما معاكس للحكومات وأصحاب القرارات، فعلى إثر ذلك شهدت عدّة عواصم عالمية شرقا وغربا من كبرى العواصم الأوروبية والمدن الأمريكية مظاهرات مساندة للفلسطيين ومناهضة لدولة الاحتلال الغاصب ورافضة بشكل كبير للجرائم التي يرتكبها والتي هي محرمّة وِفق كل الشرائع والمشرّعات والقوانين…
ومن ناحية أخرى شكّلت هذه الانتفاضة الشعبية العالمية ظغط بحال أو بآخر على القوى السياسية، فهناك عشرات النسخ من ” أوكاموتو” في كل مكان من العالم على الإستعداد بالتضحية بالغالي والنفيس في سبيل إحقاق الحق.
إذن هذه الحرب قد فضحت المجتمع الدولي بساساته ومؤسساته ومنظماته وجمعياته… الذي ساوى ما بين الضحيّة والجلاّد والذي يتشدّق بالحقوق والحرّيات منذ 1948م، فلا ندري ما نفعها الآن وكل شيء يُنتهك؟!
فهذا التخاذل الدولي وعدم اتخاذ موقف رسمي موحد عربيا كان أو غربيا هو من أبرز الأسباب التي تجعل الكيان يستبيح لنفسه ما يرتكبه من جرائم بشعة واللاّإنسانية واللاّمعهودة واللاّمسبوقة على مر العصور.
ويبقى صاحب الأرض هو صاحب اليد العليا.