العلم فضله وأهميته


حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري
من أراد أن ينمي عقله ؛ ويغذي فكره بالمعرفة المفيدة ؛ فعليه أن يهتم بالقراءة والاطلاع ؛ وغشيان مجالس أهل العلم والمعرفة ؛ يقول الامام الشافعي رحمه الله :
تَعَلَّمْ فَلَيْسَ الْمَرْءُ يُولَدُ عَالِمًا
وَلَيْسَ أَخُو عِلْمٍ كَمَنْ هُوَ جَاهِلُ
وَإِنَّ كَبِيرَ الْقَوْمِ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ
صَغِيرٌ إِذَا الْتَفَّتْ عَلَيْهِ الْجَحَافِلُ
وَإِنَّ صَغِيرَ الْقَوْمِ إِنْ كَانَ عَالِمًا
كَبِيرٌ إِذَا رُدَّتْ إِلَيْهِ الْمَحَافِلُ
وليبدأ طالب العلم بالمهم من العلوم ، فالأهم منها ؛ فيقرأ كتاب ربه بتمعنٍ ، وتفكر ؛ وليحفظ ما تيسر منه ؛ وكذلك يقرأ ، ويطلع على ما صحَّ من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ؛ ويحفظ ما تيسر منها ؛ وليفهما بفهم السلف الصالح رضوان الله عليهم ؛ ففي القرآن ، والسنة النبوية يا إخوة النور ، والهداية ، والخير ، والصلاح كلُّه في الدنيا والآخرة ؛ وصدق الله تعالى إذ يقول : ( وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) ( الشورى : ٥٢ ) ثم ليقرأ طالب العلم الكتب الشرعية المفيدة ؛ وتوابعها ؛ من عقيدةٍ ؛ وتفسيرٍ ؛ وفقهٍ : ونحوٍ ؛ وأدبٍ ؛ وتاريخٍ ؛ وأصول فقهٍ ، ومصطلح حديثٍ ، وطبٍّ ؛ وهندسةٍ ؛ وغيرها مما هو مفيدٌ ، ونافعٌٍ من سائر العلوم المفيدة
وليبدأ طالب العلم بالمختصرات من العلوم ، ثم المتوسطات ؛ ثم المطولات ؛ وليحفظ من كلِّ فنٍ أحسنه ؛ وأحبُّه إليه ؛ ولا يتمُّ ذلك إلا بواسطة أهل العلم المتخصصين فيه ؛ فلنحرص على القراءة عليهم ؛ والاستفادة من علومهم مباشرة إن تيسر ذلك ؛ وان لم يتيسر فيؤخذ منهم عبر القنوات الفضائية ، والشبكات العنكبوتية ، ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة ؛ ومن اعتمد فقط على فهم نفسه ضلَّ في نفسه ، وأضلّ غيره غالباً ؛ حتى قال القائل : ” من كان شيخه كتابه كان خطأه أكثر من صوابه ” وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله : ” : إنَّما يفسد الناس نصف متكلم ٍ ، ونصف فقيهٍ ، ونصف نحويٍّ ، ونصف طبيبٍ ، هذا يفسد الأديان ، وهذا يفسد البلدان ، وهذا يفسد اللسان ، وهذا يفسد الأبدان ” فالقراءة على أهل العلم مهمة جداً ؛ واذا عرف طالب العلم مفاتيح العلم ؛ فليقرأ بعد ذلك ما شاء الله أن يقرأ ؛ وما أشكل عليه من المسائل ؛ فليسأل عنها أهل الاختصاص فيها ؛ وقد قال الله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) ( النحل : ٤٣ ) يقول الشيخ العلامة حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله في قصيدته الميمية في الوصايا والآداب العلمية :
العلم أغلى وأحلى ماله استمعتْ ….. أذْنٌ وأعرب عنه ناطق بفمِ
العلم غايته القصوى ورتبته الـعلياء فاسعوا إليه يا أولي الهمم
العلم أشرف مطلوب وطالبُه ….. لله أكرم من يمشي على قدم
العلم نورٌ مبينٌ يستضيء به ….. أهل السعادة والجهال في الظلم
العلم أعلى حياةً للعبادكما ….. أهل الجهالة أموات بجهلهم
فعلينا يا إخوة بالعلم ، والاطلاع الذي ترتقي به الأمم والشعوب ؛ فأمةٌ لاتقرأ ولاتكتب ؛ فهي أمةٌ أميةٌ لاقيمة لها بين الأمم ؛ فإذا تركت الأمةُ العلم ، والقراءة كانت فريسةً سهلةً لأعداءها ؛ ولأهمية العلم وفضله ؛ بيَّن الله ذلك في كتابه ؛ وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال جل وعلا : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) ( العلق : ١ ) وقال الله تعالى : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ( الزمر : ٩ ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( منْ سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغِي فِيهِ علْمًا ؛ سهَّل اللَّه لَه طَريقًا إِلَى الجنةِ ؛ وَإنَّ الملائِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطالب الْعِلْمِ رِضًا بِما يَصْنَعُ ؛ وَإنَّ الْعالِم لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ منْ في السَّمَواتِ ومنْ فِي الأرْضِ حتَّى الحِيتانُ في الماءِ ؛ وفَضْلُ الْعَالِم عَلَى الْعابِدِ كَفَضْلِ الْقَمر عَلى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ؛ وإنَّ الْعُلَماءَ وَرَثَةُ الأنْبِياءِ ؛ وإنَّ الأنْبِياءَ لَمْ يُورِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا ؛ وإنَّما ورَّثُوا الْعِلْمَ ؛ فَمنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحظٍّ وَافِرٍ ) رواه أبو داود ، والترمذي ؛ وصحَّحه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم 3641 نسأل الله أن يرزقنا وإياكم علماً نافعاً ؛ ورزقاً واسعاً ؛ وعملاً صالحاً مبروراً ؛ وجنةً وحبوراً في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر . اللهم آمين .