الشغف ……شريان الحياة

لعل شغفي بالعيون الخضراء جعلني أحلق بعيدا عن هموم الدنيا وتكاليفها، جعلني أتوه في عالم سحري لا حدود له، جعلني محبا، مغرما، عاشقا للحياة ولما بعد الحياة، أيقنت بفضلها معنى الشغف …عنوان الحياة

للولع أكثر من معنى وللشغف أكثر من مجال وللعشق أكثر من حياة.

 

والشغف هو “شعور بالحماس الشديد أو رغبة لا تُقاوم تجاه شخص أو شيء ما. يمكن أن يكون الشغف اهتمامًا متلهفًا أو إعجابًا بفكرة أو مُقترح أو دعوى ما، أو تمتعًا حماسيًا باهتمام أو نشاط ما، ويصل إلى حد الانجذاب الشديد والإثارة والعاطفة تجاه شخص ما.”

يصف دنيس ديدرو الشغف بأنه «ولع شديد وميول ورغبات ونفور بدرجة معينة، مصحوب بإحساس غير واضح بالمتعة أو الألم، يُحدِث أو يصحبه تدفق غير منتظم للدم وحركة مضطربة”

 

وللشغف ميادين ومجالات عديدة. ففي المجال السياسي، لطالما كانت القضية الفلسطينية الشغل الشاغل للشعوب العربية، التي تنتفض للدم الفلسطيني من جميع الأمصار، من المحيط إلى الخليج، ومن أجل ترسيخ هذه القضية في اللاوعي العربي، ألف المبدعون العرب مئات القصائد وأعذب الألحان وأسمى الكلمات التي تتغنى بالمقاومة الفلسطينية للعدو الصهيوني.

 

ويتعدى الشغف المجال السياسي ليشمل المجال الثقافي والرياضي، حيث يرى جورج برنارد شو أن « هناك شُغف أكثر إثارة بكثير من الشغف المادي….شغف فكري، شغف رياضي، شغف للاسكتشاف والاستجلاء: وهي أقوى ما يتواجد من الشغف». فالهوس بالأفكار الجديدة والبحث عن منتوجات مختلفة، وتوجيه مراكز إهتمام المستهلك واستكشاف أسواق جديدة أصبح من بين الأهداف الرئيسية لرواد المال والأعمال اليوم. كما غزا اليوم الشغف بالنوادي الرياضية جميع البلدان في العالم، فأصبحت الميادين متنفسا جديدا للجماهير الرياضية لترديد أجمل الأغاني بالإضافة إلى إستعراض الرسومات أو “التيفوات” بغية تشجيع فريقهم المفضل أو حتى التعبير عن مواقف سياسية معينة.

 

عموما، يعتبر الشغف قوام الفعل الإنساني، حيث يقول الأديب التونسي محمود المسعدي” إذا أتممت الفعل قتلته.”

فبإنتهاء النشاط المراد القيام به وبتحقق الهدف المرجو منه، تنتفي لدى المرء تلك الرغبة المعهودة ،ذلك الشوق الدفين، ذلك الأمل المتجدد، تلك الروح الحالمة ،ذلك الفجر الذي سيبزغ عما قريب، ذلك الشغف الذي قضى نحبه بنهاية الفعل الإنساني. في هذا الإطار، يرى الأديب البريطاني أوسكار وايلد أن”المعرفة تقتل، إن الضباب هو ما يجعل الاشياء ساحرة.”

 

كما يعتبر الشغف المنبع الرئيسي لمشاعر الحب والغرام. فالولع موسيقى الروح العاشقة، المتيمة، المتمردة عن ماضيها وحاضرها، التواقة لغد آت يكون فيه الحبيب قلب الرحى، البداية والنهاية، باعث الأمل وشريان الحياة. ” فمن لا يركض إلى فتنة العشق يمشي طريقا لا شي فيه حي.” حسب تعبير الشاعر والفقيه جلال الدين الرومي. فالشغف شوق متجدد تنصهر بفضله جليد الفرقة وترتجف بعونه القلوب القاسية وتسكن إليه الأيادي المرتعشة الباحثة عن الدفء والحنان.

 

في الختام، يعتبر الشغف رحلة جديدة للمضي قدما نحو الأفضل، وفي هذا الإطار، يقول الله عز وجل في حديثه القدسي:” لو تعلقت همة المرء بما وراء العرش لناله.”

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى