Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الأدب والشعر

ذكريات الولد الشقي..رحلتي من الشك إلى الإيمان.. الدكتور مصطفى محمود

فايل المطاعنى _عمان

فايل المطاعنى _عمان

من بين كل الشخصيات التي مرت في حياتي، لم تعلق واحدة في ذاكرتي كما علِق هو.

ليس نجمًا سينمائيًا، ولا بطل كرتون، ولا حتى لاعب كرة مشهور…

بل رجل هادئ، يرتدي بدلة رمادية، ويتحدث كأن الكون كله جالسٌ ينصت له ، لم يكن فقط طبيبًا أو مفكرًا…

كان أشبه بساحر من نوع خاص، لا يحمل عصا، بل يحمل سؤالًا…

وما أخطر السؤال حين يأتي من رجل يؤمن أن العقل وحده لا يكفي.

لا أدري ما الذي يجعلني أحب هذا الرجل.

ربما لأنه يشبه والدي، أو لأنني حين فتحت عيني على ذلك الصندوق السحري – التلفزيون – كان أول من لمحته فيه.

جالسًا هناك، في ركنه الهادئ، لا يصيح ولا يصرخ، لكنه يقول كلامًا يجعل الدنيا كلها تصمت وتُنصت.

الدكتور مصطفى محمود.

للعلم – والمعلومة هنا قد تفاجئك – أول رواية قرأتها في حياتي كانت “رحلتي من الشك إلى الإيمان”.

تخيلوا… طفل لم يتجاوز العاشرة يقرأ عن فلسفة الوجود، عن الذرة والمجرة، عن الله والعدم،

بينما زملاؤه يقرأون مجلات فيها “عبقرينو” و”بطوط”!

أنا؟ كنت أقرأ عن الأينشتين الداخلي و”الطبيعة لا تفعل شيئًا عبثًا”…

كنت أتسمر أمام التلفاز عندما يأتي برنامجه “العلم والإيمان”.

حتى الموسيقى – يا الله – كانت موسيقى لا تُنسى! لا أتذكر من ألفها، لكنها كانت تشبه تمهيدًا لصلاةٍ عقلية.

ثم يأتي صوته…صوت هادئ، عميق، فيه حنان غريب،

تتخيل – للحظة – أن أباك هو من يحدثك، لا طبيبًا ولا فيلسوفًا، بل والد عطوف يحكي لك حكاية قبل النوم،

لكن بدل أن يقول: “كان يا ما كان”، يقول: “العقل وحده لا يكفي… لا بد من الإيمان.”

كنت لا أفهم كل شيء طبعًا ، لكنني كنت أشعر أنني أمام شيء كبير، شيء يشبه السماء حين تتلوّن وقت الغروب،لا تفهم كيف ولماذا، لكنك تندهش… وتبتسم.

اليوم، كلما سمعت موسيقى برنامج “العلم والإيمان”، يقف قلبي لحظة…

كأن الزمن يعود بي إلى تلك اللحظة السحرية أمام التلفاز…كأن الطفل الذي كنته، يربّت على كتفي ويقول لي:

“هل تذكر؟ هذا هو أول من علّمنا أن نفكر، وألا نخاف من الأسئلة.”

الدكتور مصطفى محمود لم يكن مجرد اسم في دفتر الذكريات،بل كان جسرًا سريًا عبرتُ عليه من عالم الطفولة إلى عالم التأمل، من اللعب بالحجارة إلى التساؤل عن حركة النجوم، من الشك… إلى الإيمان.

ولا عجب أنني ” كلما ضعت” عدت إليه ،أفتح كتابًا من كتبه، أو أستمع لصوته، فأجده هناك… ينتظرني كأبٍ حكيم، ليقول لي من جديد:

“العقل وحده لا يكفي… لا بد من الإيمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى