مذكّرات الولد الشقي ..الوالد


فايل المطاعني
يقولون إن الكتب أصدقاء لا يخونونك أبدًا… لكنهم لم يقولوا لك كيف تشتري تلك الأصدقاء وأنت مفلس! في هذه المذكرة، سأحكي لكم كيف حاولتُ اقتناء كتاب، وانتهى بي الأمر بائع ليمون محترف بفضل والدي العزيز… أو بالأحرى، “الوالد المخادع الظريف”!
الوالد
منذ أن كنت صغيرًا، والكتب تسحرني. أغلفتها، رائحتها، وحتى أصوات تقليب الصفحات… كل شيء فيها كان يجعل قلبي يدق مثل طبول فرقة موسيقية في مهرجان صيفي! لذلك، ما إن أرى كتابًا جديدًا، حتى تبدأ رحلة الإقناع العظيمة لجمع المال – والذي كان وقتها أندر من طائر العنقاء!
وذات مساء، رأيت كتابًا جديدًا في واجهة المكتبة، شعرت وكأنه يهمس لي: “خذني معك…”، ولكن المحفظة كانت تهمس لي بالعكس: “انسَ الموضوع!”
فقلت لنفسي: لا مفرّ… لا بدّ من اللجوء إلى وزارة المالية – والدي العزيز.
دخلت عليه بنظرة بريئة وصوت متأثر:
– “أبي، أحتاج بعض المال لشراء كتاب مهم جدًا!”
أجابني بابتسامة تشبه ابتسامة المعلمين قبل الامتحان:
– “كتاب؟ ممتاز يا بُني! غدًا صباحًا ستجد المال فوق النافذة في انتظارك.”
أوه، يا لفرحتي! شعرت أنني سأستيقظ لأجد حقيبة من النقود بانتظاري مثل أفلام الكارتون. لكن فجأة، تذكّرت شيئًا مخيفًا: أخي الصغير!
هذا الشقي لا ينسى، خصوصًا أنني قصصت له نصف شعره ذات مرة من أجل أن يعجب “سلا فراس”، جارتي الجميلة. أكيد سينتقم ويأخذ المال قبلي! لكن، لا يليق بي أن أشكّ في والدي. قال سيكون هناك… إذًا سيكون هناك.
استيقظت فجرًا، ركضت إلى النافذة، وقلبي يدق مثل قارع الطبول في عرض عسكري… فتّشت… نظرت… وفجأة وجدت…
شُوال مليء بالليمون!!
وبجانبه ورقة كُتب عليها بخط أبي العزيز:
> “المال لم نجده مرميًا في الشارع…
خذ هذا الليمون، واذهب إلى السوق، وبِعه.
إذا حصلت على مال كافٍ، فاذهب واشترِ الكتاب الذي يعجبك.
التوقيع: الوالد (رئيس لجنة التربية والتعليم والاقتصاد المنزلي).”
قرأت الرسالة ثلاث مرات، وقلت لنفسي:
– “يعني بدل ما يعطيني مال، سلّمني وظيفة بدوام كامل!”
لكني ضحكت، حملت الشوال، وذهبت إلى السوق كأنني بائع مخضرم. ونعم، بعت الليمون… واشتريت الكتاب.
ومنذ ذلك اليوم، تعلمت درسًا لن أنساه: في منزلنا… لا يُعطى المال بسهولة، بل تُزرع الليمونة أولًا!
ولذلك، إن كنتم تحلمون بالحصول على كتاب، تأكدوا أولًا: هل أنتم مستعدون لأن تصبحوا باعة فواكه؟