مَنطِق الطَّير


العنود ناصر السرحان
قَدْ استُؤثرَ سليمانُ بمنطقِ الطير؛
وحتماً عرفَ سِرّها الَّذي يَخْفى عَلينا و نحنُ نَشْهدُها فِي كُلِّ صباحٍ تَصْحو على وَهَجِ الرُّؤى
وَ تُغادِرُ أَعْشَاشاً طَالما سَكَنتْ فِي كَنَفِ الأَغْصانِ بِهَناء،
تَسْترسلُ مَعَ الرَّيح،
تَقْبِضُ و تَبْسِطُ أَجْنِحَتَها فَقدْ وَثقت بِريشِها الخفيفِ و جناحِها الطري واهْتدتْ لِدربِها بِسلام.
هُنا !
أَعْجبُ لِأمرِنا نحنُ سُلالة النَّاجينَ مِن اليأس !
أَعجِزنا أن نكونَ مثل الطير؟!
أنْ نَمُدَ البصرَ ونلتقطَ الرُّؤى
أنْ نثقَ بِنفخةِ روح الله الَّتي في صُدورِنا
و نُلبي نِداءَ الضياءِ لِصبحٍ يَحتفي بالحياة ..؟!
و مِنْ مَكانٍ سَحيق..!
، جاءَ صوتٌ يتساءل :
وكيف السبيل إلى الحياة !
وحَولَ القلبِ ضُربتْ الأَسوار ، و غُلِقتْ بِأبوابٍ مِنْ خَوفٍ وَ ارتِياب ؛ ليستيقظَ بوجلٍ بعدَ أنْ جمعَ مِنْ ظلامِ الليلِ سِرب الأوهام ..
و في سِجنِها حُبسَ الهدهد المسكين
و مِنْ نفسِ المكانِ السحيق …
جاءَ الجوابُ ، و ضَجَّ بينَ الأرجاءِ صداهُ :
أَيا رفيقي ، إنَّ هذه الأسوار ليست إلا أساطيرَ الأولين ، وتلكَ الأقفالُ مِنْ أوهامٍ عَشْعشتْ في عقلٍ يأبى أنْ يَتَبين لينزع عنْ بَصِيرتِهِ ضلالةَ الواهمين ..
و هذا المحبوس في سجنِ الظنونِ هُدهدك الَّذي يحملُ لك النبأَ اليقين
انصتْ لصوته
وكُنْ له سليمان الَّذي لا يَرتضي عُذرَ الواهنين.