Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الأدب والشعر

القمر وسط الغيوم

د.زينب على درويش

د.زينب على درويش

انهارت بين يديه كما تنهار الأمواج عند الشاطئ، تسقط بلا حول، تحمل معها وجع الرحلة الطويلة. كانت عيناها تتحدث قبل شفتيها، زائغتين مثلما يتوه القمر وسط الغيوم. تدفقت الكلمات منها وكأنها لم تعد تملك القدرة على كبحها، جارفًا من البوح كشف عن ألم دفين: “الحياة يا جدي باتت كفوضى لا تهدأ، مزدحمة بجنون يلتهمني. أكتفيت، عقلي يتمرد، يرفض، أتساءل… هل هناك طريق ينعم بالسكينة؟ وإن كان هناك، كيف أصل إليه؟”

حدق الجد إليها بعينيه الحانيتين، نظرة احتضنت روحها قبل أن تمتد يده نحو يدها المرتعشة، يمسّدها برفق كأنما يداوي جروح السنين. جذبها برفق إلى صدره الدافئ، وقال بصوت عميق وهادئ كنسيم الفجر: “كلامك يا صغيرتي نابع من قلب أثقلته الأحمال وذهن أنهكه التفكير. نعم، الحياة أحيانًا تجبرنا على الوقوف في مرحلة يصعب فيها حتى التنفس، وكأن الهواء نفسه تحول إلى عبء ثقيل. لكن الطريق الذي تبحثين عنه… ليس في الخارج، بل داخلك.

الطمأنينة لا تأتي من الظروف، بل من داخلك عندما تتعلمين فهم ذاتك. عليكِ أن تجدي القوة لتقولي ‘لا’ لكل ما يسرق طاقتك دون أن يعطيكِ شيئًا حقيقيًا. عودي إلى ما يسعد روحك؛ ربما كتاب، أو موسيقى، أو تأمل لبساطة الأشياء من حولك.

تعلمي أن تقولي كفى لكل من يجرحك أو يستنزفك. الهدوء الحقيقي لا يأتي دفعة واحدة، بل هو نتيجة قرارات صغيرة، متكررة، تتخذينها في كل يوم وكل لحظة. أما تمرد عقلك؟ أحيانًا يكون هدية خفية، يصرخ ليخبرك أنك بحاجة لتغيير مسارك قبل أن تغرقي أكثر.”

لفت نفسها بذراعيه كطفلة وجدت مأواها أخيرا، وغرقت في صمته كما يغرق القلب في دفء

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى