مقالات

أعظم الأيام عند الله

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري 

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري 

من أعظم الأيام عند الله يوم عرفة ، والذي قال فيه الرسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ ؛ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ ، فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ ) رواه مسلم في صحيحه ، وفي رواية للبزار والطبراني ، وابن حبان في صحيحه ، واللفظ له : ( فإذا وقف بعرفات ؛ فإنَّ الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا ، فيقول : انظروا إلى عبادي شعثاً غبراً اشهدوا أني قد غفرت لهم ذنوبهم ، وإن كانت عددَ قطر السماءِ ، ورمْلِ عالج ) وحسَّن الحديث الإمام الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب برقم ١١٥٥ .

ولأهمية يوم عرفة شرع النبي صلى الله عليه وسلم للمقيمين صومه ؛ فقال صلى الله عليه وسلم : ( صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ ) رواه مسلم في صحيحه ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) رواه الترمذي في سننه ، وصحح الحديث الالباني في مشكاة المصابيح برقم ٢٥٩٨ .

ومن أعظم الأيام عند الله يومُ النحر ، وهو اليوم العاشر من شهر ذي الحجة ، وهو يوم الحج الأكبر ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر ) رواه أبو داود في سننه ، وأحمد في مسنده ، والحاكم في مستدركه ، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته برقم الحديث ١٩٤٤ ويوم النحر هو يومُ عيد الأضحى المبارك ؛ الذي يتفرغ فيه الحجاج ؛ والمقيمون لذبح دماء الهدي والأضاحي فيه ؛ تقرباً إلى الله ، واتباعاً لسنة أبينا إبراهيم عليه السلام حين أراد أن يذبح ولده إسماعيل لرؤياً رآها ؛ قال الله تعالى : ( فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ) ( الصافات : ١٠٣ – ١١١ ) وقال تعــــالى : ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) ( الكوثر : ٢ ) قال الامام ابن كثير رحمه الله في تفسيره : ” أي أخلص له صلاتك ، وذبيحتك ، فإنَّ المشركين كانوا يعبدون الأصنام ، ويذبحون لها ، فأمر الله تعالى بمخالفتهم ، والانحراف عما هم فيه ، والإقبال بالقصد ، والنية ، والعزم على الإخلاص لله تعالى ، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : ( ضَحَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيدٍ بِكَبْشَيْنِ ، وقال حين ذبحهما ، وجًّهت وجهي للذي فَطَر السموات والأرض حنيفًا وَمَا أنا من المشرِكين ( إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) ” انتهى . وقال صلى الله عليه وسلم : ( ما عمل ابنُ آدمَ من عملٍ يومَ النحر أحبَّ إلى الله من إهراق الدم ، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها ، وأشعارها ، وأظلافها ، وإنَّ الدم ليقع من الله بمكانٍ قبل أن يقع بالأرض ، فيطيبوا بها نفساً ) رواه الترمذي ، وابن ماجه ، وصحح الحديث الألباني في مشكاة المصابيح برقم ١٤٧٠ .

ومن أعظم الأيام عند الله يوم القر ، وهو اليوم الحادي عشر من شهر ذي الحجة ؛ وهو أول يومٍ من أيام التشريق ، والذي يستقر فيه الحجاج بمنى ، فيصلون فيها الفجر ، والظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء كلُّ صلاةٍ في وقتها المحدد قصراً من غير جمع ؛ ويرمون في يومها الجمرات الثلاث بعد الزوال الصغرى ، ثم الوسطى ، ثم الكبرى كل جمرةٍ بسبع حصيات ، ثم يبيتون ليلتهم هذه ؛ ثم يفعلون مثل ذلك في اليوم الثاني عشر ؛ ولهم أن يتعجلوا بعد رميهم للجمرات الثلاث بعد الزوال ؛ ولهم أن يتأخروا إلى اليوم الثالث عشر ، وهو أفضل ؛ وقد قال الله تعالى : ( فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) ( البقرة : ٢٠٣ ) .

هذا والله نسأل أن يجعلنا وإياكم ممن يعظم أيام الله حقُّ تعظيمها ؛ وأن يتقبل منا الحج ، والصيام ، وسائر الأعمال ؛ وأن يديم علينا جميعاً نعمه الظاهرة ؛ والباطنة ؛ ويرزقنا ذكرها ، وشكرها لله رب العالمين . اللهم آمين .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى