Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الأدب والشعر

تضحية

بقلم : سيدجعيتم

بقلم : سيدجعيتم

يخترق حقول الذرة متجهٌ إلى الرياح، تداعبه أكواز الذرة، يستأنس بحديثها، يشير إلى القمر ، يتجنب أن تنزلق قدماه؛ فالحقل مروي حديثًا.

يلقي السلام على الرياح، تكافؤه بنسمة صيف يملأ بها صدره، يفترش الأرض، يضع قدميه في الماء ويغمض عينيه، ينام، لم تتخلف عن حلمه يوما.

تلوح تباشير الفجر في الأفق، يسحب قدميه من الماء، يتثاءب وينفلت عائد.

لا يغلق بابه؛ فلا يوجد بالدار ما يستحق أن يجهد لص نفسه من أجله.

يدلف للداخل، يعد كوب الشاي، يتمدد على سريره، على ضوء المصباح الضعيف يلقي عليها تحية الصباح:

– صباح الخير حوريتي الجميلة.

يجول ببصره بجدران الحجرة طلاؤها المهترئ يشكل صورًا يتخيلها كما يريد، يعود يستأذن منها ويغط في نوم عميق.

يحلم بأمه تحدثه، وتتعجب من حاله:

– كبرت يا علي، أخترت لك عروس نقاوة عيني.

يشير لصورتها على الجدار:

– هل تشبهها يا أمي؟

تمر السنون، رحل الجميع ولم يعد بالبيت إلا هما، ترسل له ضحكتها وهو مستلق على سريره.

كعادته أستيقظ مع هطول الليل، تناول طعامه وكوب الشاي الثقيل، هم بإطفاء نور الحجرة، توقف على صوتها تناديه:

– علي.

ضحك فهي ليست المرة الأولى التي يسمع صوتها، لكن هذه المرة نادته بإسمه.

عاد لصورتها يحدثها:

– ما زلت جميلة رغم أن الزمن جعل ألوانك باهتة، شعرك الذهبي المنسدل يغطي ثدييكِ الناهدين ما زال له نفس الملمس الحريري، ذيلك الفضي ما زال براقًا، ما زلتي حلمي.

أستدار نحو الباب.

– علي.

هز رأسه متعجبًا… تلمسها بيده…

– خذني معك لحيث أنتمي.

– تريدين هجري! عشت عمري كله وأنت داخلي.

– فعلت بي السنون الكثير، جسدي جف وتشقق.

– ضحيت من أجلك كنتِ أنتِ رفيقتي، أستغنيت بك عن الناس.

بكت بشدة، مد يده يمسح دموعها؛ بللت يده مختلطة بألون وجهها.

تأبطها وأخترق بها حقول الذرة، شعر بنبضات قلبها تتسارع.

قبلها، في مياه الرياح حررها.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى